للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التيقن (١)، ولا شك في خفاء طريق الاجتهاد، ولا شك في تفاضل الناس في باب الاجتهاد، فكان (٢) العمل باجتهاد من هو أبصر بوجه (٣) الحق، وكان الأغلب أنه على الصواب، أولى. وإن اجتهاد الصحابي، في غلبة الحق والصواب، فوق اجتهاد التابعي لوجوه:

• أحدها - أن للصحابة (٤) زيادة جهد وحرص في بذل مجهودهم في طلب الحق، والقيام بما هو سبب قوام الدين، والاحتياط في حفظ الأحاديث، وضبطها وطلبها، والتأمل فيه لا نص عندهم غاية التأمل، على ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان إذا روى حديثاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترتعد (٥) فرائضه ويقول: "هذا أو قريباً منه". وروي عنه أنه اختلف السائل إليه (٦) في مسألة (٧) شهرًا ولم يسمع فيها الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان (٨) يتأمل فيها احتياطًا، صيانة عن الوقوع في الخطأ، فلما أراد الجواب قال: "إن يك صوابًا فمن الله وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان". مع أن لهم فضل درجة لم يكن لغيرهم على ما قال عليه السلام: "أنا أمان لأصحابي وأصحابي أمان لأمتي". وقال - صلى الله عليه وسلم - (٩): "خير الناس قرني الذين بعثت فيهم (١٠) ثم الذين يلونهم (الحديث) ". وإذا كان لهم زيادة جهد وزيادة فضيلة كانوا أولى بالإصابة والاهتداء، لقوله تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم


(١) في ب: " اليقين".
(٢) في أ: "وكان".
(٣) كذا في ب. وفي اللأصل و (أ): "لوجه".
(٤) في ب: "الصحابة".
(٥) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "يرتعد".
(٦) في ب: "إليه السائل".
(٧) في هامش أ: "مسألة المفوضة". انظر فيما يلي ص ٥٠٢ - ٥٠٣. والكاساني، البدائع، ٢: ٢٧٤ - ٢٧٥.
(٨) في أ: "وكان".
(٩) "صلى ... وسلم" من ب.
(١٠) "الذين بعثت فيهم" من ب.