للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا قضى في مسألة مجتهد فيها برأي واحد منهم وسكت المخالفون، لا يكون سكوتهم دليل الرضا والإجماع، لأنه يجوز لهم السكوت في هذا الوضع، لإجماع الأمة أن قضاء القاضي في فصل مجتهد فيه جائز.

- ويحتمل [أنه] إنما (١) سكت، مع أن رأيه بخلافه، لكون (٢) المخالف أكبر سنًا منه وأعظم حرمة وأقوى في الاجتهاد وأعلم منه، وإن كان هو من أهل الاجتهاد فلم يعارضه بالرد والإنكار احترامًا له، أو أخذ بقوله اتهامًا (٣) لرأي نفسه بقابلته فلم يجتهد - وهذا (٤) وإن كان جائزًا عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمها الله، فعند محمد رحمة الله عليه: لا يجوز، وعليه أن يجتهد وإن كان أصغر سنًا منه، إذا كان من أهل الاجتهاد. وربما يجتهد فيكون قوله مخالفًا لقولهم، فلا ينعقد الإجماع على قول محمد رحمة الله عليه.

- ويحتمل أيضًا أن الخلاف وجد من البعض، لكن لم ينقل إلينا لكونه أصغرهم وظهر قول الأكابر.

وإذا احتمل هذه الوجوه، فلا يكون حجة.

وأبو هاشم يقول: مع أن هذا ليس بإجماع، لما ذكروا، فالعلماء (٥) يحتجون بالقول المنتشر في كل عصر إذا لم يعرف له مخالف. وإجماع الأمة حجة، فعرفنا بإجماعهم على الاحتجاج بمثل هذا، على أنه حجة، وإن لم يكن إجماعًا، كا أجمع السلف على الاحتجاج بخبر الواحد فيكون حجة، وإن لم يثبت كونه خبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - قطعًا.


(١) في ب كذا: "إن ما".
(٢) كذأ في أ. وفي الأصل و (ب): "لكن".
(٣) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "إيهامًا". وفي المعجم الوسيط: أوهم فلانًا بكذا أدخل عليه الريبة واتهمه به. وأتهم الرجل صارت به الرنبة وأصله أوهم.
(٤) في ب: " فهذا".
(٥) في ب: "والعلماء".