للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني - أن كل واحد منهم يحتمل أن يكون مخطئًا في قوله ورأيه، والإجماع هو اجتماعهم، ويستحيل أن يكون قول كل واحد منهم محتملا للخطأ، ويكون قول الجميع صوابًا، لأن الإجماع مركب (١) من الآحاد - ألا يرى أنه إذا كان كل واحد من الجماعة أسود يستحيل أن لا يكون الجميع سودًا. وكذا إذا كان كل واحد منهم (٢) مصيبًا، يستحيل أن لا يكون قول الكل صوابًا - فكذا هذا.

والوجه الثاني- أن الإجماع لو انعقد: إما أن وينعقد عن نص، أو أمارة. ولا يجوز أن ينعقد عن نص، لأنه لو كان عن نص، لوجب عليهم (٣) نقله. وإذا نقلوه، وقع الاستغناء عن الإجماع، ويكون الحجة النص (٤). ولا يجوز أن ينعقد عن أمارة، لأن الناس خلقوا على همم مختلفة وآراء متفاوتة، فلا يجوز أن يتفقوا على رأي واحد مظنون، بخلاف الاجتماع (٥) على رأي عقلي محض، لأنه يصدر (٦) عن عام.

والوجه الثالث - أنه لا دليل على صحة الإجماع، فإن الدليل إما عقلي أو سمعي. والدليل العقلي لا يمكن به إثبات كون (٧) الإجماع موجبًا للعلم قطعًا، لأن العقل يجوز اجتماع أهل العصر على الخطأ، فإن الناس في زمان الفترة كلهم على الكفر والضلال والخطأ. ولذلك (٨) قالوا: إن إجماع المسلمين من الأمم المتقدمة لا يكون حجة. ومن قال إن إجماع


(١) كذا في أ. وفي الأصل و (ب): "ركب".
(٢) "منهم" من ب. والعبارة فيها: "وكذا لو كان كل واحد منهم مصيبًا".
(٣) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "عليه".
(٤) كذا في أ. وفي الأصل و (ب): "هو الدليل".
(٥) كذا في الأصل و (أ): "الاجماع". وفي ب: "الاجماع".
(٦) كذا في ب: "يصدر". وفي الأصل و (أ): "صدر".
(٧) في ب: "والدليل العقلي لا يقتضي كون"،.
(٨) في (أ) و (ب): "وكذلك".