للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني - أن الصحابة والتابعين أجمعوا على أنه لا يجوز مخالفة ما أجمعوا عليه. وهذا حكم لا يعرف إلا بدليل سمعي (١) - فدل على أنهم سمعوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث أو نظائره، فيكون كالمنصوص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢) تواترًا، فلا يجوز تركه.

وأما المعقول [فـ] من وجوه:

أحدهما - أن موضع الاتفاق مما جبل العقلاء على الرجوع إليه عند التنازع، بما عندهم من المشابهة بين التنازع فيه وبين الجمع عليه، ليردوا المتنازع فيه إليه في حق الحكم، [فـ] لولا أن الإجماع حجة عند الله تعالى، وإلا لما فزع (٣) الكل إلى الإجماع. فكان رجوعهم إليه، بخلق (٤) الله تعالى طباعهم عليه، دليلا على أنه حجة. كما أن أهل المعقول (٥) لما فزعوا (٦) إلى العقل، عند اشتباه المصلحة عليهم، بخلق الله تعالى العقل داعيًا إلى مباشرة الحسن وطريقًا لمعرفة الأشياء، كان حجة. وكذا متى وقع الاشتباه في الألوان فزعوا (٧) إلى حاسة البصر للتمييز، كان دليلا عليه - فكذا هذا.

والثاني - أن (٨) الناس مع اختلاف هممهم وتفاوت أغراضم، لن يتصور اجتماعهم على شيء إلا لداع واحد يدعوهم إليه، أو دواع (٩)


(١) في ب: "بالدليل السمعي".
(٢) "هذا الحديث ... عليه وسلم" ليست في ب.
(٣) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "فرع" بالراء.
(٤) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "لخلق".
(٥) في ب: "العقول".
(٦) و (٧) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل بالراء
(٨) في (أ) و (ب): "وهو أن".
(٩) كذا في أ. وفي الأصل: "دواعي". وفي ب: "لدواع".