للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متفقة الدعاء إلى شيء واحد. فأما اختلاف الهمم وتباين الأغراض، فمما (١) يمنعهم عن (٢) الاجتماع على شيء واحد، جزافًا واتفاقًا، كما لا يتصور اتفاق الجماعة (٣) الكثيرة على مأكل واحد ومشرب واحد في يوم واحد. وذلك الداعي لا يخلو: إما إن كان هو التقليد، أو الشبهة، أو الدليل الراجح أو الدليل (٤) الموجب للعلم:

• والأول باطل، فإن كثيرًا من الأمة لا يجوزون التقليد في أمور الدين لأهل (٥) الاجتهاد، بل الأكثر منهم على هذا الاعتقاد، فلا يتصور أن يوافقوهم (٦) عليه تقليدًا - دل أنه لا يتصور الإجماع على شيء بالتقليد.

• والثاني، وهو اعتراض شبهة دعت الكل إلى (٧) ذلك الحكم - وذلك في موضع غالب الظن والاجتهاد. وهو في خبر الواحد والقياس لرجحان عدالة الراوي، أو رجحان معنى من معاني النصوص في كونه علة الحكم (٨) - فباطل أيضًا، لأنه لا يتصور أن تعم (٩) الشبهة جميع المكلفين، لأن الله تعالى كلفهم طلب الحق والصواب، فلابد أن يكون لهم طريق الوصول إليه. أما الشبهة [فـ] تكون لتحقيق الابتلاء، ليدفع الشبهة بالحجة، بالاستدلال بطريق موضوع للحق والصواب. فأما بدون طريق الوصول، يكون تكليف ما ليس في الوسع، وإنه محال عقلا وشرعًا على ما عرف. ومع قيام طريق الوصول إلى الحق وطريق الوقوع في الشبهة، فطريق (١٠) الحق


(١) في ب: "فما". فالفا من ب.
(٢) في ب: "من".
(٣) في ب: "الجماعات".
(٤) في ب: "أو الدليل الموجب للعلم". فليس فيها عبارة "الراجح أو الدليل".
(٥) في ب كذا: "لأجل".
(٦) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "يوافقهم".
(٧) كذا في ب. وفي الأصل و (أ): "على".
(٨) "وذلك في موضع ... علة الحكم" ليست في ب.
(٩) في ب: "يعم".
(١٠) في ب: "وطريق".