للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففي هذه الفصول: يدعي أحد الخصمين ثبوت شيء مما ذكرنا أو انتفاءه، ويثبت دعواه إما بالنص أو بالاستدلال، ويعرف وجه الاستدلال بما يعرف به سائر الأشياء. والخصم الآخر ينكر دليله أو يبطله. فثبت أن القياس والاستدلال يجري (١) في ذلك كله. ولأن القياس ليس إلا ثبوت مثل حكم الأصل، بالمعنى الذي ثبت في الأصل في فرع هو نظيره. ومعنى حكم الأصل يعرف بما يعرف به سائر الأشياء، والحكم في الفرع يثبت بدلالة النص على كل حال، إلا أن الدلالة قد تكون ظاهرة وقد تكون خفية.

وقول (٢) من قال: إن القياس لا يكون حجة في سائر الفصول، وإنما يكون حجة في الفصل الأخير، وهو تعدية حكم المنصوص عليه إلى غير المنصوص عليه إذا عقل أنه نظيره، لم يتضح، لأنه: إن أراد بالقياس معرفة دلالة النص وعلة الحكم بالرأي والاجتهاد، فذلك جائز (٣) في الأشياء أجمع، لأن المعرفة لا تختلف. وإن أراد أن القياس لا يتصور إلا في الفصل الأخير، وهو الجمع بين الأصل والفرع في الحكم - فهذا (٤) يتصور في كل موضع. وإن أراد أن القياس (٥) لا يثبت به شيء، فهذا صحيح، ولكن في الفصل الأخير لا يثبت بالقياس شيء، وإنما يعرف به الحكم الثابت في الأصل أو العلة أو الشرط، وإنما يثبت ذلك بإثبات الله تعالى، ولكن يعرف بالقياس - ذلك على ما مر ذكره (٦)، ولكن لا عبرة


(١) "يجري" غير واضحة في أ.
(٢) في هامش أ: "وفرق".
(٣) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "جاز".
(٤) كذا في أ. وفي الأصل: "وهذا". وانظر الهامش التالي.
(٥) "لا يتصور إلا في الفصل الأخير ... أن القياس" ليست في ب
(٦) "ذكره" ليست في أ.