للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المزيل بقدر وسعه ولم يجده، فالظاهر هو عدم المزيل. وهذا نوع اجتهاد. فإذا كان البقاء ثابتًا بالاجتهاد، فلا يترك باجتهاد مثله، ما لم يوجد الترجيح، ويكون حجة على الخصم، كمن اعتقد حكمًا بقياس صحيح مؤثر عنده، وعمل به زمانًا، ثم ظهر له قياس آخر أوجب حكمًا بخلافه، فإنه لا يجوز له أن يعتقد خلاف ذلك الحكم، ما لم يظهر (١) رجحان القياس (٢) الثاني على الأول، بدليل مرجح، بل يجب عليه العمل بالأول، لأن ذلك حكم ثبت، وثبت بقاؤه بالاجتهاد، فلا يزول إلا بدليل يترجح على الأول، وإن كان أوجب شبهة في الأول - و (٣) هذا معنى قول الفقهاء: إن ما أمضى بالاجتهاد (٤) لا ينقض باجتهاد مثله، ولأن هذا هو الموافق للأصول والأحكام، فإن الحكم المطلق في حال حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - محتمل للنسخ (٥)، ثم هو ثابت في حق من كان بعيدًا عنه، في حق وجوب العمل به، والإلزام على الغير، ودعوة الناس إلى ذلك، وفي حق إثبات أمر لم يكن بمنزلة الحكم الثابت بالنص (٦).

وكذلك: استصحاب الحكم الثابت بظاهر العموم: واجب مع احتمال الخصوص.

وكذا: استصحاب الحكم الثابت بمطلق النص الخاص: واجب مع احتمال المجاز والنسخ (٧)، لما قلنا.


(١) في ب: "يعتقد حكمًا بخلاف ذلك ما يظهر".
(٢) في ب: "الدليل".
(٣) "و" ليست في ب.
(٤) في ب: "باجتهاد".
(٥) في ب: "يحتمل النسخ".
(٦) العبارة كلها نقلها البخاري في كشف الأسرار (٣: ٣٧٩).
(٧) "والنسخ" ليست في ب.