للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أتضحك عند القبر؟ قال: أردت أنْ أُرْغِمَ أنف الشيطان (١) .

وعن ابن جُرَيْجٍ رحمه الله قال: من لم يتعزّ عند مصيبته بالأجر والاحتساب، سَلاَ كما تَسْلُو البهائم.

وعن حُميد الأعرج قال: رأيت سعيدَ بن جُبير رحمه الله يقول في ابنه ونظر إليه: إني لأعلم خير خلّة فيك، قيل: ما هي؟ قال: يموت فأحتسبه.

وعن الحسن البصري رحمه الله، أن رجلاً جَزِع على ولده، وشكا ذلك إليه، فقال الحسن: كان ابنك يغيب عنك؟ قال: نعم كانت غيبته أكثر من حضوره، قال: فاتركه غائباً، فإنه لم يغبْ عنك، غيبة الأجْرُ لك فيها أعظم من هذه، فقال: يا أبا سعيد! هوَّنت عنّي وجْدي على ابني.

وعن بشر بن عبد الله قال: قام عمر بن عبد العزيز على قبر ابنه عبد الملك فقال:

رحمك الله يا بنيّ فقد كنت سارّاً مولودا، وبارا ناشئا، وما أحبّ أني دعوتك فأجبتني.

وعن مسلمة قال: لما ماتَ عبدُ الملك بن عمر كشفَ أبوه عن وجهه وقال: رحمك الله يا بني، فقد سررت بك يوم بُشِّرْتُ بك، ولقد عمرتَ مسروراً بك، وما أتت عليّ ساعة أنا فيها أسرّ من ساعتي هذه، أما والله إن كنتَ لتدعو أباك إلى الجنة.

قال أبو الحسن المدائني: دخل عمر بن عبد العزيز على ابنه في وجعه فقال: يا بني كيف تجدك؟ قال: أجدني في الحقّ، قال: يا بنيّ لأن تكون في ميزاني أحَبَّ إِليَّ مِنْ أن أكون في ميزانك، فقال: يا أبتِ لأن يكون ما تُحبُّ أحَبَّ إِليَّ مِنْ أن يكون ما أحب.

وعن جُويرية بن أسماء عن عمّه أن إخوة ثلاثة شهدوا يوم تُسْتَرَ فاسْتشهدوا، فخرجتْ أُمُّهم يوما إلى السوق لبعض شأنها، فتلقاها رجلٌ حضرَ تُسْتَرَ، فعرفتْه، فسألته عن أمور بَنِيها، فقال: اسْتُشهدوا، فقالت: مُقبلين، أو مُدبرين، قال: مُقبلين، قالت: الحمد لله، نالوا الفوزَ، وحاطوا الذِّمار، بنفسي هم وأبي وأمي.

قلت: الذِّمار بكسر الذال المعجمة، وهم أهل الرجال وغيرهم مما يحقّ عليه أن يحميه، وقولها: حاطوا: أي: حفظوا وراعوا.


(١) يقال: أرغم الله أنفه: أي ألصقه بالتراب، فهو كناية عن التحقير والاستقذار.
(*)

<<  <   >  >>