للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحشر: ٧] وقال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذينَ يُخالِفُونَ عَنْ أمْرِهِ أنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ) [النور: ٦٣] .

وقد قدَّمنا في " كتاب الجنائز " عن الفُضيل بن عِياض رضي الله عنه ما معناه: اتّبعْ طرقَ الهدَى، ولا يضرُّكَ قلّةُ السالكين، وإياك وطرقَ الضلالة، ولا تغترَّ بكثرة الهالكين، وبالله التوفيق.

فصل:

وأما إكرام الداخل بالقيام، فالذي نختاره أنه مستحبّ لمن كان فيه فضيلة ظاهرة من علم أو صلاح أو شرف أو ولاية مصحوبة بصيانة، أوله ولادة أو رحم مع سنّ ونحو ذلك، ويكون هذا القيام للبِرّ والإِكرام والاحترام، لا للرياء والإِعظام، وعلى هذا الذي اخترناه استمرّ عمل السلف والخلف، وقد جمعت في ذلك جزءاً جمعت فيه الأحاديث والآثار وأقوال السلف وأفعالهم الدّالة على ما ذكرته، ذكرت فيه ما خالفها، وأوضحت الجواب عنه، فمن أشكل عليه من ذلك شئ ورغب في مطالعة ذلك الجزء

رجوت أن يزول إشكاله إن شاء الله تعالى، والله أعلم.

فصل:

يستحبّ استحباباً متأكداً: زيارة الصالحين، والإِخوان، والجيران، والأصدقاء، والأقارب، وإكرامهم، وبرّهم، وصلتهم، وضبط ذلك يختلف باختلاف أحوالهم ومراتبهم وفراغهم.

وينبغي أن تكون زيارته لهم على وجه لا يكرهونه، وفي وقت يرتضونه.

والأحاديث والآثار في هذا كثيرة مشهورة.

٧٧٢ - ومن أحسنها ما رويناه في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن رجلاً زارَ أخاً له في قرية أخرى، فأرصدَ الله تعالى على مَدْرَجته مَلَكاً (١) ، فلما أتى عليه قال: أين تُريد؟ قال: أُريدُ أخاً لي في هذه القرية، قال: هل لكَ عليه من نعمة ترُبُّها؟ قال: لا، غيرَ أني أحببتُه في الله تعالى، قال: فإني رسولُ الله إليك بأن الله تعالى قد أحبَّكَ كما أحببتَه فيه ".

قلت: مدرجتُه بفتح الميم والراء والجيم: طريقه.

ومعنى تَرُبُّها: أي تحفظها وتراعيها وتربيها كما يُربِّي الرجلُ ولدَه.

٧٧٣ - وروينا في كتابي الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة أيضاً قال: قال


= نهى عنه عام باق على عمومه، ولذا ذكرها المصنف رحمه الله في هذا المقام الذي فيه الوقوف عند حدود رسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيرها.
(١) أي وكله بحفظ المدرجة، وهي الطريق، وجعله رصدا، أي حافظا.
(*)

<<  <   >  >>