القاضي الفاضل العلامة اللغوي مجد الدين أبو الطاهر، كان يرفع نسبه إلى الشيخ أبي إسحق الشيرازي صاحب التنبيه والمهذب -ولا يبالي بما يشاع بين الناس أن الشيخ لم يتزوج فضلًا عن أن يعقب.
تفقه الشيخ مجد الدين ببلاده وطلب الحديث وسمع من الشيوخ ومهر في اللغة وهو شاب، وسمع من جماعة وقدم الشام بعد الخمسين وسبع مائة، وسمع بها الحديث واشتهرت فضيلته وكتبوا عنه ودخل القاهرة فعظم بها قدره وكتبوا عنه كثيراً من تصانيفه ثم جال في البلاد الشمالية والشرقية ودخل الهند وله مجاورة في الحرمين.
وكان كثير الكتب جداً ولا يسافر إلا وهي معه في عدة أحمال ويفتحها في غالب المنازل ويطالع فيها.
وقدم اليمن بعد التسعين من الهند عقب وفاة القاضي جلال الدين الريميّ فقرره الملك الأشرف إسماعيل في القضاء بالبلاد اليمنية فلم يزل كذلك إلى أن مات وكان قد جاور في غضون ذلك بمكة مراراً ثم يرجع، وكان الأشرف يكرمه كثيراً.
قال الحافظ ابن حجر: أخذ عن الشيخ تقي الدين السبكي وولده تاج الدين، وعن القاضي عز الدين بن جماعة وفي شيوخه كثرة، وقد خرج له الحافظ شمس الدين محمد بن موسى المراكشي ثم المكي مشيخة عن جمع كثير من شيوخه.
وأما معرفته باللغة واطلاعه على نوادرها فأمر مستفيض، وكان يقول: ما كنت أنام العشرين ليلة حتى أحفظ كذا وكذا سطراً أذكرها.
توفي في شوال سنة سبع عشرة وثمان مائة وقد جاوز التسعين ممتعاً بحواسه.
وهو آخر من مات من الرؤساء الذين انفرد كل منهم بفن فاق فيه على أقرانه على رأس القرن الثامن وهم الشيخ في الفقه على مذهب الشافعي، والعراقي في الحديث وابن الملقن في كثرة التصانيف من الفنون، والشيخ