وكانت سيرته قريبة من سيرة القاضي برهان الدين ابن جماعة، وذلك لأن السلطان انتدبه لذلك، ثم نُقمت عليه بعض الأمور وتغير خاطر السلطان عليه فعزله فتم إلى أن مات الظاهر وولي بعده ولده الناصر فرج وكان صغيراً، فلما استقل بأمره بعد الفتنة طلب المذكور وولّاه فلم يتفق له الأمر كما كان أولًا من العظمة بل تنازل جداً، وولي فيها جماعة من الفقهاء بلغني أنهم عشرة وعزل قريباً فاستمر إلى أن توفي في سنة ست عشرة وثمان مائة عن ثلاث وستين سنة.
وكان باشر مناصب غير القضاء منها خطابة المسجد الأقصى مدّة، وكان خطيباً بليغاً له يد طولى في النّثر والنّظم، حسن الإنشاء ظاهر التدين كثير البكاء والله أعلم بالسرائر.
وكتب الكثير بخطه، وقرأ المنهاج ودرس فيه في مدارس القضاء وله مشاركة في العلوم لطيفة.
وسمع الحديث من جماعة من المسندين، وأدرك الأئمة كالعماد ابن الحسباني وابن كثير والشمسين ابن خطيب يبرود وابن قاضي شهبة، وقرأ النحو على العلامة أبي العباس العنابي تلميذ أبي حيان إمام العربية في زمنه.
وتولى الخطابة بالجامع الأموي ومشيخة الشيوخ بالشميصاطية وانفرد بهما مدة، ثم أضيف إليه القضاء، وعيّن مرة لقضاء مصر فلم يتفق ذلك -رحمه الله تعالى- آمين.
[برهان الدين ابن علوان]
إبراهيم بن (١) أحمد بن عبد الواحد بن عبد المؤمن بن. . . . بن سعيد بن علوان البعلبكي الأصل ثم الدمشقي، نزيل القاهرة، الفقيه الشافعي المقرئ المجود مسند الديار المصرية أبو إسحاق وأبو الفدا برهان الدين
(١) درر العقود الفريدة للمقريزي ١/ ٨٦ (٣٠)، إنباء الغمر لابن حجر ٣/ ٣٩٨، الدرر الكامنة لابن حجر ١/ ١١ (١٤)، شذرات الذهب لابن العماد ٨/ ٦١٩.