الشيوخ، وآذاه القاضي برهان الدين ابن جماعة كثيراً، وامتحن من جهة الدولة مرات وكاد يهلك.
وكان له همة عليا وكرم وإحسان للطلبة وغيرهم، وتخرّج عليه جماعة وقرأ عليه القاضي ناصر الدين البارزي في القلعة السيرة النبوية.
وبالجملة: فكان من أعيان العلماء، والناس يرونه بالمنزلة العليا لكونه ابن شيخ المذهب، وكان الشيخ لما يقدم دمشق ينزل عنده بالإقبالية، وكان من وجوه الفقهاء، وبعضهم يكرهه لوجاهته عليهم وبتقدمه على الأعيان منهم، كالشيخ شهاب الدين ابن حجي وغيره، وهو أهل لذلك وكان مقداماً في الأمور.
مات في ربيع الآخر سنة خمس عشر وثمان مائة ودفن بسفح قاسيون.
قلت: كذا أرّخه شيخنا الشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة في تاريخه وطبقاته، وأظنه وهم وإنما توفي في أوائل سنة ست عشرة قبل صاحبه الشيخ شهاب الدين ابن حجي بيوم أو يومين رحمهما الله تعالى.
* ووالده الشيخ (١) الإمام عماد الدين، فقيه الشام في زمنه أبو الفدا، مولده تقريباً سنة ثمان عشرة وسبع مائة.
وأخذ بالقدس عن الشيخ تقي الدين القلقشندي ولازمه حتى فضل، وقدم دمشق سنة ثمان وثلاثين وتنزل بالشامية البرانية وأنهاه مدرسها الشيخ شمس الدين النقيب تلميذ النووي، وانتهى معه الشيخ جلال الدين حجّي في تلك السنة، ولم يزل في عزٍّ وازدياد واشتهر بالفضيلة ولازم الشيخ محيي الدين المصري شيخ شيخه حتى أذن له بالإفتاء.
ودرس وأفتى وأفاد وقُصد بالفتاوى من البلاد وناب في الحكم عن أبي البقاء والشيخ لما ولِّي قضاء الشام في سنة تسع وستين تلك المدة.
(١) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ٣/ ٨٣ (٦٣٧)، ذيل العبر للعراقي ٢/ ٤٥٠، إنباء الغمر لابن حجر ١/ ٢٠٣، الدرر الكامنة ١/ ٣٦٦ (٩٢٥)، الدارس في أخبار المدارس للنعيمي ١/ ١٢١، شذرات الذهب لابن العماد ٨/ ٤٤٠، معجم المؤلفين - كحالة ٢/ ٢٦٩.