للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* وأما والده: فهو الشيخ أبو بكر (١) بن علي بن. . . . الموصلي ثم الدمشقي القبيباتي الشيخ الإِمام العالم العامل القدوة الزاهد الورع تقي الدين بقية مشايخ الصوفية وعلمائهم.

مولده سنة أربع وثلاثين وسبع مائة.

وقدم من الموصل وهو شاب يعاني الحياكة فأقام بالقبيبات (٢) عند منزله المعروف زماناً طويلاً وهو يشتغل بالعلم ويسلك طريقة الصوفية والنظر في كلامهم.

ولازم الشيخ قطب الدين مدة واجتمع بالشيخ عبد الله اليافعي وحصل له كشف وقبول كما أخبرني بذلك ولده واجتمع بغيره من العلماء الصالحين.

وكان يطالع كتب الحديث ويحفظ جملة منه ويعزوها إلى رواتها، وصار له يد في الفقه، وبلغني أنه قرأ الحاوي ثم صار له أتباع واشتهر اسمه وسار صيته واجتهد في العبادة إلى آخر وقت.

وكان قد جمع بين علمي الشريعة والحقيقة وصار من كبار الأولياء وسادات العباد ووفق للعلم والعمل، وكان يحضر مواعيده العلماء يسمعون منه الفوائد العجيبة والنكت الغريبة.

وكان والدي ممن يحبه وممن يحضر ذلك، وكان الشيخ يحبه ويثني عليه ويعظمه على كثير من مشايخه وأقرانه، وسنّه إذ ذاك قريب الأربعين، وأخبرني ولده عن أبيه المذكور أنه قال لوالدي بحضرته وحضرة جماعة من أصحابه: ما تموت حتى تجمع بين الشريعة والحقيقة فكان والله كذلك -وقد أشرف إلى بعض ذلك في ترجمة شيخ الإِسلام الوالد.


(١) إنباء الغمر لابن حجر ٣/ ٢٥٩، الدرر الكامنة لابن حجر ١/ ٤٤٩ (١٢٠١)، شذرات الذهب ٨/ ٥٩٤.
(٢) القبيبات: محلة جليلة بظاهر مسجد دمشق -معجم البلدان- ياقوت الحموي ٤/ ٣٥٠ (٩٤٢٧).

<<  <   >  >>