المنفلوطي وجمال الدين الأسنوي وغيرهما، وتخرّج في الحديث بمغلطاي وسمع من الوادي آشي وأبي الفتح الميدومي وأبي نعيم الأسعردي وغيرهم، وسمع بدمشق من ابن أميلة وبالحجاز من الشيخ خليل المكيّ واليافعي.
وحدّث واشتغل كثيراً وولي مشيخة خانقاه سعيد السعدا ثم تركها، ودرّس بمدرسة السلطان حسن نيابة عن ولد شيخه، ودرّس أيضاً بالجامع الأزهر بالآثار النبوية.
قال شيخنا الحافظ ابن حجر -أمتع الله ببقائه: مهر في الفقه والأصول والعربية وشغل فيها وبنى زاوية بالمقياس ظاهر القاهرة وأقام بها يحسن إلى الطلبة، ويجمعهم على التفقه ويرتب لهم ما يأكلون ويسعى لهم في الرزق فصار أكثر الطلبة بالقاهرة من تلامذته، وتخرّج به منهم خلق كثير، وكان حسن التعليم لين الجانب متواضعاً بشوشاً متعبداً متقشفاً مطرح التكلف.
وقد عين مرة للقضاء فتوارى وذكر أنه فتح المصحف فخرج {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ}(١).
وقال المؤرخ ناصر الدين ابن الفرات: كان شيخ الديار المصرية مربياً للطلبة وله مصنفات في الحديث والفقه والأصول والعربية وحجّ وجاور مرات.
توفي راجعاً من الحج ودفن يوم عاشوراء سنة اثنين وثمان مائة ورثاه صديقه الحافظ زين الدين العراقي بقصيدة دالية طويلة وأثنى عليه كثيراً -رحمه الله تعالى- وقبره بعيون القصب المنزلة المعروفة بدرب المصري.
قلت: وكان يحضر مع الشيخ في بعض المجالس ويباحثه والشيخ يحترمه ويعامله معاملة الأقران ويرجحه على ابن الملقن في التصرف في العلوم، وكان من الأئمة وتخرّج عليه جماعة من الأئمة منهم شيخنا العلامة محيي الدين المصري وكان كثير التعظيم والإجلال له.