للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصار له أتباع وسكن في القدس مدة وصنّف فيها بعض تصانيفه واشتهر اسمه وامتنع عن مكالمة أكثر الناس لا سيما من يتخيل فيه شيئاً، وأطلق لسانه في القضاة ونحوهم من أرباب الولايات.

وله في الزهد والتقليل من الدنيا حكايات لا يوجد في تراجم كبار الأولياء أكثر منها ولم يتقدموه إلا بالسبق في الزمان والحاصل أنه ممن جمع بين العلم والعمل.

وكان أشعرياً منحرفاً على الحنابلة يطلق لسانه فيهم ويبالغ في الحط على ابن تيمية.

وسكن بالشاغور (١) عند مسجد المزاز عدة سنين بعد الفتنة إلى وفاته، وأصاب وقر في سمعه وضعف في بصره.

وعمّر في آخر عمره رباطاً داخل باب الصغير وخاناً بمحلة المصلى وساعده الناس في ذلك بأنفسهم وأموالهم.

وكتب بخطه كثيراً قبل الفتنة وبعدها، جمع شرحاً على التنبيه في خمس مجلدات، وشرحاً على المنهاج كذلك، وشرح كتاب مسلم في ثلاثة، ولخص المهمات في مجلدين، ولخص أحاديث الإحياء في مجلد، وشرح النواوية في مجلد، وأهوال القبور وسير نساء السلف العابدات مجلد، وقواعد الفقه مجلد، وجمع من التفسير آيات متفرقة مجلد، وسير السالك مجلد، وتنبيه السالك على مظان المهالك ست مجلدات، وشرح الغاية والنهاية وقمع النفوس ودفع الشبه وشرح أسماء الله الحسنى وغير ذلك.

وكان رحمة الله عليه من المهابة والأنس الكثير ما لا يخفى لمن له فطنة أنه وليّ الله في زمانه، واجتمعت به مرات وكان يحبني ولي منه منزلة وترحّم على والدي.


(١) الشاغور: محلة بالباب الصغير من دمشق مشهورة وهي في ظاهر المدينة -معجم البلدان- ياقوت الحموي ٣/ ٣٥٢ (٦٩٣٦).

<<  <   >  >>