صدر المدرسين بقية المتقنين الناسكين الجامع بين المعقول والمنقول والمتبحر في علمي الفروع والأصول المصري ثم الدمشقي مولده قبيل السبعين وسبع مائة.
وقرأ الحاوي الصغير وأخذ عن الشيخ ومن في طبقته ولازمه مدة، والأصول والنحو عن الشيخ عز الدين ابن جماعة.
وقدم دمشق مرات ثم إنه توطن بها وأقام باعثاً العلم من الإشغال والإفتاء والتصنيف ودرس بالركنية والعذراوية والظاهرية والشامية الجوانية وولي خدمة الشميصاطية.
قال صاحبه الشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة: وشرع في جمع أشياء لم تكمل واختصر شرح المنهاج للشيخ شرف الدين الغزِّي ومختصر من كلام الأذرعي وشيئاً على المنهاج لم يشتهر لغلاقة لفظه واختصاره.
وقال الشيخ شهاب الدين ابن حجي: اشتغل وفضل وبرع وقدم علينا طالباً فاضلًا ولازم التحصيل والشغل للطلبة، وكان يفتي ويتصرف وأخذ عني وكان تركيّ الأصل والشكل ولا يتكلم إلا معرباً وعمامته صغيرة وللناس فيه عقيدة. انتهى.
وقال غيره: ولما قدم في المرة الأخيرة ظهرت فضائله وعلومه وأقر له مشايخ البلد.
حضر مرة عند الشيخ شرف الدين الغزّي فشرع يستحضر كلام المهمّات مرة بعد أخرى، فقال له الشيخ: أنت تحفظ المهمّات؟ البارحة كنت أطالع في هذه المواضع وأنت تحفظ أكثر مني، وكان يدرّس دروساً حسنة مشحونة بفوائد الشيخ ومباحثه.
قُتِلَ بمنزله بالتعديل في الفتنة التي بين الناصر فرج بن برقوق وغرمائه في صفر سنة خمس عشر وثمان مائة عن نحو سبع وأربعين سنة ودفن بمقابر الحمرية بالقرب من قبر عاتكة إلى جانب الشيخ الزّاهد علي بن أيوب -رحمهما الله سبحانه وتعالى.