كان بحراً لا تدركه الدَّلاء وحبراً لا يضجره الإملاء وسراً لا يغيره الابتلاء، إن جلس مع أهل الدنيا فهو سيدهم وإن حضر مع أصاغر طلبته فهو أحدهم، لا يستأثر عليهم بمأكل ولا مشرب وليس له عن طالبيه مفر ولا مهرب، لا يطوي عن أحد منهم بشراً ولا يلوي عنقه عن السائل كبراً ولا يأوي إلى حب التعاظم فخراً ولا ينوي لأحد من أهل الدين عذراً.
سما عن سمات الغدر فهو بريّه ... فليس له فيما رأيت شبيه
فما ناطق في الكون إلا بعلمه ... وإحسانه في الخافقين يفوه
انتصب للإقراء والتدريس والإفادة من سنة سبع وعشرين وسبع مائة وهلمّ جرا إلى قبل وفاته بيومين فتفقه عليه وتخرّج به جماعة من الأئمة الفضلاء منهم أولاد شيخه الشيخ علاء الدين القونوي الثلاثة محب الدين محمود والشيخ بدر الدين الحسن والشيخ صدر الدين عبد الكريم والشيخ جمال الدين إبراهيم بن محمد بن عبد الرحيم بن الأسيوطي والشيخ علاء الدين علي بن محمد بن عبد الرحيم الأقفهسي والشيخ برهان الدين إبراهيم بن موسى بن أيوب الأبناسي والشيخ سراج الدين عمر بن الشيخ أبي الحسن علي بن أحمد الأنصاري والشيخ شهاب الدين أحمد بن أحمد بن إبراهيم بن القمّاح والشيخ زين الدّين أبو بكر بن الحسين بن عمر المراغي والشيخ صدر الدين سليمان بن إبراهيم الأمسيطي في آخرين لا يحصون كثرة.
وسمع عليه الحديث جماعة من الأئمة منهم الشيخ شمس الدين أبو العباس محمد بن أحمد بن موسى بن سند اللّخمي والشيخ جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي والشيخ شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد العرياني والشيخ صدر الدين سليمان بن يوسف بن مفلح الياسوفي والشيخ نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي.
قال الحافظ زين الدين العراقي -صاحب الترجمة الأولى-: وحضرت آخراً من مسموعاته، سمعها ابني أبو زرعة أحمد وقرأت عليه أيضاً من مصنفاته التمهيد والكوكب، وكان بعض الكتابين بقراءة الشيخ جمال الدين