استقل في أيام الأمير نوروز الحافظي المتغلب على مملكة الشام مدة يسيرة كوالده في قضية منطاش المتغلب على الشام أيضاً في سنة إحدى وتسعين.
ونزل له والده عن نصف تدريس الشامية البرانية ولأخيه جمال الدين عن النصف الآخر فباشرا ذلك، ثم توفي أخوه في أول سنة إحدى وثمان مائة كما تقدم في ترجمته فاستقل بها وبالقليجية وقضاء العسكر وإفتاء دار العدل وغير ذلك، واستمر على ذلك بعد الفتنة معظّماً مكرماً.
وتصدى للإفتاء بجامع دمشق بشباك المشهد العثماني المسمى بشباك ملك الأمراء نائب دمشق.
وكان شكلًا حسناً بهياً عاقلاً ديّناً خيّراً ويكتب على الفتوى الكتابة الحسنة وغالب كتابته على الفتوى من مختصر الروضة للأصفوني -كان هذا الكتاب في الغالب عنده يراجع النقل فيه بسلاسة عبارته وحسنها مع الاختصار.
وعنده حظ من عبادة وأوراد وصلاة بالليل وحشمة وأدب، ولسانه طاهر لا يتكلم في الغالب إلا بخير، الناس سالمون من لسانه ويده.
وقد عرضت عليه المنهاج والمحرّر في أحاديث الأحكام فكتب لي بخطّه إجازتين عظيمتين هما عندي، وقد نقلت بعض كلامه فيهما في ترجمة شيخ الإِسلام الوالد كما تقدم.
وكان يحبني ولي منه منزلة كبرى، وقد أجلسني عن يمينه بالشامية الكبرى بجانب العيد شيخنا العلامة محيي الدين المصري وأنا في ثنتي عشرة سنة أو فوقها بيسير.
وأفتى في إجازته لي أنّي أستحق ويضاف إليَّ من جميع الجهات ما كان يستحقه شيخ الإِسلام الوالد تبعاً لما أفتى به واختاره الإِمام تقي الدين السبكي والمسألة معروفة ليس هذا موضعها، وبالجملة فكان القاضي تاج الدين من بقايا الناس وأعيانهم.
توفي إلى -رحمة الله تعالى- يوم الجمعة قبل الزوال الثالث والعشرين