للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كله مشاهد بالعيان ولا يحتاج إلى الدليل والبرهان، وأنشد البيت:

وليس يصح في الأذهان شيءٌ ... إذا احتاج النهار إلى دليل (١)

إن تَكَلم في التفسير فهو إمامه، أو في النحو فهو الذي يلقى إليه زمامه، أو في التصريف فمنه يستفاد أوزانه ونظامه، أو في أصول الدين فهو الأستاذ على الحقيقة، أو في أصول الفقه فكم استنبط وأوضح فيه من طريقه، أو في الحديث فهو حافظ الزمان، أو في التعليل فمن تضعيفه الأمان، أو في الفقه فهو الأستاذ على الإطلاق، الجامع بين طريقتي خراسان والعراق، والمُظهر من النصوص ما لم يكن في الحساب، والآتي من الأبحاث بما يقضي منه العجب العجاب، أو في المنطق فهو ينسينا أداء ابن سينا، أو في الخلاف والجدل، فهو الذي يحصل بكلامه لسامعه من تقريبه إلى الإفهام والجذل، وإن تكلم في الوعظ والتصوف فكلامه إليه المنتهى، وحضور ميعاده هو المختار والمشتهى. انتهى كلامه -رحمه الله- لو قدم السجعة الثانية وهي المشتهى وختم بالمنتهى لكان غاية في حسن الختام.

قال: وقد ختم القرآن العظيم بميعاده، وأتى فيه من الوعظ ما يكون إن شاء الله سبباً لإسعاده، وكان من العلوم بحيث يقضي له في كل علم بالجميع، وكان كثير الصدقة طارحاً للتكلف، قائماً في الحق، ناظراً للسنة، قامعاً لأهل البدعة، مبطلاً للمكوس والمظالم، معظماً عند الملوك، أبطَلَ في دولة الأشرف مكس الملاهي، وأبطل في دولة المنصور مكس القراريط، وكان مكس القراريط كثير الشناعة جداً، وعرض عليه الملك المنصور أيام طشتمر قضاء الديار المصرية فامتنع.

وقال شيخنا الشيخ شهاب الدين ابن حجر -رحمه الله تعالى- في ترجمة الشيخ- طلب العلم في صغره وحصل الفقه والنحو والفرائض وشارك


(١) البيت للمتنبي من قصيدة مطلعها:
أتيت بمنطق العرب الأصيل ... وكان بقدر ما عينت قيل
ديوان المتنبي / مكتبة مصر / ٢٦٣.

<<  <   >  >>