المشرقة، والتعقب للواجب على الآمدي وابن الحاجب، وتلخيص المثال في تهذيب الكمال، وزهر الربيع في فنون المعاني والبيان والبديع، والفوائد الجسام على قواعد ابن عبد السلام وهو كتاب نفيس وقفتُ على بعضه وكتبت منه على نسختي بالقواعد.
وهذه المصنفات أيضاً لم يكملها والسبب فيه ما تقدم فإنه كان مشتغلاً في أول النهار بالدروس في مدارسه وبعد العصر إلى الغروب في الفتاوى.
وبالجملة وكان رحمه الله تعالى إمام زمانه وفارس ميدانه، لو رآه الشافعي لسره فضله ولأُعجب به.
وتخرج على المذكور فضلاء عصره من أهل مصر والشام وغيرهما من البلدان حتى صاروا أئمة المذهب وقضاة الإسلام، منهم ولداه العلامتان القاضيان بدر الدين وجلال الدين وشيخنا العلامة قاضي القضاة وليُّ الدين ابن العراقي والبياجرة الثلاثة برهان الدين وشمس الدين ونور الدين، وكذلك البرماوية الثلاثة مجد الدين وشيخنا شمس الدين وفخر الدين، وممن تخرج عليه أيضاً العلامة زين الدين الفارس كوري والعلامة بدر الدين الزركشي فيما قيل والعلامتان الرشيدي والحسيني، وممن تخرج عليه أيضاً من علماء دمشق شيخنا العلامة محيي الدين المصري وأجازه بالإفتاء في سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، كما ذكر لي ذلك في إذنه لي بالإفتاء أول سنة ست وثلاثين وثمان مائة والعلامتان جمال الدين الطيماني وبدر الدين ابن قاضي أذرعات وغير ذلك من الأئمة لا سبيل إلى حصرهم.
وأما الوالد فإنه -رحمه الله تعالى- بحث معه وأخذ عنه في رحلاته إلى الشام مع الظاهر وآخرها سنة ست وتسعين وسبع مائة وأعجب به الشيخ وعظمه وفضله على بعض مشايخه وعلى أقرانه وأثنى عليه ثناءً حسناً ووصفه بالمهارة في العلوم الكثيرة.
وعاد الشيخ إلى بلده معتكفاً على نشر العلم إلى أن قاربته المنية، فضعف أياماً يسيرة ثم أفاق، ثم تزايد به الوجع في ذي القعدة فمات في يوم الجمعة عاشر ذي القعدة سنة خمس وثمان مائة عن إحدى وثمانين سنة