صدر الدين أبو المعالي السلمي المناوي المصري قاضي القضاة بالديار المصرية.
مولده بها في رمضان سنة اثنين وأربعين وسبع مائة، وأبوه حينئذ ينوب عن القاضي عز الدين ابن جماعة، وأمه بنت القاضي زين الدين البسطامي الحنفي، ونشأ المذكور في سعادة وحشمة.
وحفظ القرآن العظيم ثم التنبيه وغيره من المحفوظات، وسمع من الميدومي والأربلي وابن عبد الهادي وجماعة من أصحاب ابن عبد الدائم والنجيب ومن بعدهم، وخرّج له شيخنا الحافظ أبو زرعة ابن العراقي مشيخة في خمسة أجزاء.
وبرع في العلوم وترقّى ودرّس، وأفتى وصنّف، وناب في الحكم وهو شاب ووليّ إفتاء دار العدل، وتدريس الشيخونية والمنصورية وغير ذلك، ثم ولي قضاء القاهرة استقلالاً أربع مرات في نحو خمس سنين في مدة إحدى عشرة سنة ونصف.
قال شيخنا الحافظ ابن حجر: وكتب شيئاً على جامع المختصرات، وخرّج أحاديث المصابيح وتكلم على مواضع منه وحدّث، حضرت بعض المجالس عليه، وكان كثير التردد إلى الناس مهاباً شهماً معظماً عند الخاص والعام، وله صورة كبيرة وحشمة بالغة وكلمة نافذة ويسار ظاهر.
وكان منذ نشأ يسلك طريق القاضي شهاب الدين ابن جماعة في التعاظم ثم ألان جانبه بعد الاستقلال بالقضاء.
وكانت له عناية بتحصيل الكتب النفيسة فحصّل منها شيئاً كثيراً عرف بعده.
وكان يهاب الملك الظاهر برقوق فلما مات أمن على نفسه وتحقق أنهم لا يقدمون على عزله لما تحقق له من المهابة فسافر مع العسكر إلى قتال تمرلنك فازدادت حرمته وعظم فوق ما في نفسه، ثم سافر معهم إلى قتال تمرلنك فانعكس الأمر وأُسر وأُهين وسافروا به وهو مقيد فغرق في نهر الزاب من الفرات في شوال سنة ثلاث وثمان مائة، بعد أن قاسى أهوالاً.