وكان كثير الملازمة لدروس الوالد في الجامع وفي البيت ويسافر معه وأخذ عنه الأصول وبرع فيه وكان فيه أمثل من الفقه، وكانت له أيضاً معرفة جيدة بعلم الطب.
وله نثر ونظم حسن فمنه القصيدة الدالية التي مدحني بها لما أكملت نسختي البديعة بالمنهاج وصليت بالقرآن وابتدأت في الكتاب المذكور وذلك في أخريات حياة الوالد في سنة أحد وعشرين فقال:
ليهنى رضى الدين سعد مجددُ ... وجد على مرّ الجديدن مُسْعدُ
فمولده أبدى الدلائل أنه ... على الخير والأسوا يحمى ويُحمَدُ
ونبهنا منهاجه للطائف ... حَوَت نكتاً تغني اللبيب وترشدُ
وأصحاب علم الحرف دلهم اسمه ... على حسن فعل منه للضد يُكمدُ
وإن بسطا فوق السماكين منزلا ... له الأنجم الزهر الثواقب تحسدُ
بوفق اسمه سرٌّ بسر محبه ... وذو الفهم في ذا السر لا يترددُ
أتى غاية في الحسن إذ جا تسعه ... ومن شانه مَن شانَه فهو مُبعَدُ
فالأول والثاني اسمه وفقيهه ... وناسخه ثالثهما والمجلدُ
لهم رابع ثم المذهب خامس ... وسادسهم منشي المديح محمدُ
ومادحه قبلي بذلك سابع ... وثامنهم فهو الإمام المسددُ
عنيت الإمام الشافعي بلدّيه ... وتاسعهم خير النبيين أحمدُ
محمد المبعوث للخلق رحمة ... ومن شرعه الشرع القويم المؤيدُ
بحرمته يارب عبدك أبقه ... وبلغ أباه منه ما منك يقصدُ
إلى أن نراه في العلوم شبيهه ... تُحل لديه المشكلات وتعقدُ
إذا صدر الطلاب هماً لعلمه ... رووا عن بحار العلم ما عنه يُورَدُ
فيمنح ما أعيا الألبّاء جمعه ... وعن فهمهم ما يوهم العكس يطردُ
هو البحر لكن ليس للبحر قدره ... يقابله وانظر له كيف يرعُدُ
وإن أوقد الحساد ناراً لحربه ... نراه بما أوتيه للمال تخمدُ
فعش وابق واسلم وارق واسمُ وسُدْ وَدُمْ ... ومُرْ وَانْه وامنَع واحم أنت المسَّودُ