وفتح الكاف قرية من قرى حوران الإقليم المعروف بالشام -هو صاحبنا الفاضل العالِم البارع المفنن شمس الدين أبو عبد الله في طبقة من قبله.
قرأ القرآن العظيم على أبيه الشيخ داود وكان من الصالحين، وقرأ المنهاج وغيره من المختصرات.
واشتغل على الشيخ شهاب الدين ابن نشوان والوالد، ولزم بعدهما شيخنا العلامة شمس الدين البرماوي أيام إقامته بدمشق وبرع، وبلغني أنه أذن له بالإفتاء ثم لزم بعد هؤلاء القاضي شمس الدين الأموي مدة إقامته قاضياً بالشام وحضر دروسه في الفقه والحديث وقرأ عليه أرجوزة العراقي المسماة بالألفية في علوم الحديث وختمها عليه بحضوري، وتصدى للأشغال والإفتاء وتخرج عليه جماعة.
وكان فاضلًا في فنون مع العقل والتواضع، وبيني وبينه رفقة على غالب مشايخه وكان كثير التودد والتردد والمحبة لي وبيننا من قديم صحبة أكيدة من حياة شيخ الإسلام الوالد فإنه لزمه بعد موت شيخه ابن نشوان وقرأ عليه المنهاج للبيضاوي.
وسمع الحديث من أم عبد الله عائشة خاتمة أصحاب الحجار وغيرها.
وكتب بخطه الكثير وأفتى ودرّس بالأتابكية والناصرية بصالحية دمشق، وناب في الحكم في أثناء سنة سبع وثلاثين عن القاضي بهاء الدين ابن حجي مدة قليلة نحو نصف سنة، واستعظم المشايخ ذلك.
وكان مواظباً على الاشتغال والإشغال إلى أن توفي إلى رحمة الله
تعالى في ليلة الأحد تاسع عشر صفر سنة أربعين وثمان مائة وله ثلاث
وأربعون سنة، ودفن في تربة شيخنا العلامة محيي الدين المصري -رحمهما الله تعالى، ودفنا في وقت واحد متقاربين بمقبرة باب الصغير بقرب سيدنا بلال الصحابي المؤذن رضي الله تعالى عنه، وكان يوماً مشهوداً -رحمه الله تعالى.