وكان سبب موته أن السلطان الملك الناصر في بعض قدماته الشام كان المذكور قد التزم بمال كثير وولي القضاء فقدم السلطان عقب ولايته فطالبه بعض أعوانه المرجفين فكبس بيته فهرب القاضي من ناحية أخرى من البيت واختفى فأخذوا ما وجدوا في الدار وحصل للقاضي رجفة عظيمة فأثرت فيه وتمرّض عقب ذلك أياماً يسيرة ومات وذلك في سنة سبع -بتقديم السين- وثمان مائة.
وكان له اشتغال على والده ومشاركة في الفضائل في الجملة، وكان شكلًا حسناً قليل شعر اللحية يخطب خطباً بليغة في الجامع بصوت جهوري حسن، وناب له جماعة في أيام مباشرته وامتحن مرات وكشف عليه ورمي بأمور وأهين من غرمائه في القضاء كالأخنائي وغيره.
وكان عنده صبر واحتمال للأذى كثير الحياء سامحه الله وإيانا -مولده سنة تسع وخمسين وسبع مائة.
* وأما والدهم (١): فهو الإمام العلامة ذو الفنون قاضي القضاة بمصر والشام، بقية العلماء الأعلام بهاء الدين أبو البقاء -وتقدم نسبه أولًا في ترجمة ابنه القاضي بدر الدين.
وذكره الذهبي في المعجم المختص فقال: محمد بن عبد البر بن يحيى بن علي القاضي العلامة بهاء الدين أبو البقاء السبكي الشافعي إمام متبحر مناظر بصيرٌ بالعلم محكم للعربية وغيرها.
ولد سنة سبع وسبع مائة، وطلب الحديث وحصل وناب في الحكم لابن عمهم مع الدين والتقى والتصون. انتهى كلام الحافظ الذهبي.
(١) معجم محدثي الذهبي ١٦٠ (٢٩٢)، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ٣/ ١٢٧ (٦٦٨)، الذيل على العبر للعراقي ٢/ ٤٠٦، الدرر الكامنة لابن حجر ٣/ ٤٩٠ (١٣١٦)، إنباء الغمر لابن حجر ١/ ١٨٣، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي ١١/ ١١٠، حسن المحاضرة للسيوطي ١/ ٤٣٧ (١٨٠)، بغية الوعاة للسيوطي ١/ ١٥٢ (٢٥٤)، شذرات الذهب لابن العماد ٨/ ٤٣٧.