للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرَاهِبٍ وَأَهْلِ كَنَائِسَ لَمْ يُخَالِطُوا النَّاسَ (إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ مَلِكًا) أَوْ مُقَاتِلًا (أَوْ ذَا رَأْيٍ) أَوْ مَالٍ (فِي الْحَرْبِ، وَلَوْ قَتَلَ مَنْ لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ) مِمَّنْ ذُكِرَ (فَعَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ فَقَطْ) كَسَائِرِ الْمَعَاصِي؛ لِأَنَّ دَمَ الْكَافِرِ لَا يَتَقَوَّمُ إلَّا بِالْأَمَانِ وَلَمْ يُوجَدْ، ثُمَّ لَا يَتْرُكُونَهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، بَلْ يَحْمِلُونَهُمْ تَكْثِيرًا لِلْفَيْءِ وَتَمَامُهُ فِي السِّرَاجِ وَسَيَجِيءُ [فَرْعَانِ: الْأَوَّلُ] لَا بَأْسَ بِحَمْلِ رَأْسِ الْمُشْرِكِ لَوْ فِيهِ غَيْظُهُمْ وَفِيهِ فَرَاغُ قَلْبِنَا، وَقَدْ «حَمَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَوْمَ بَدْرٍ رَأْسَ أَبِي جَهْلٍ وَأَلْقَاهَا بَيْنَ يَدَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَقَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اللَّهُ أَكْبَرُ هَذَا فِرْعَوْنِي وَفِرْعَوْنُ أُمَّتِي كَانَ شَرُّهُ عَلَيَّ وَعَلَى أُمَّتِي أَعْظَمَ مِنْ شَرِّ فِرْعَوْنَ عَلَى مُوسَى وَأُمَّتِهِ» ظَهِيرِيَّةٌ [الثَّانِي] لَا بَأْسَ بِنَبْشِ قُبُورِهِمْ طَلَبًا لِلْمَالِ تَتَارْخَانِيَّةٌ، وَعِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ قُبُورُ الْكُفَّارِ فَعَمَّتْ الذِّمِّيَّ

(وَلَا) يَحِلُّ لِلْفَرْعِ أَنْ (يَبْدَأَ أَصْلَهُ الْمُشْرِكَ بِقَتْلٍ)

ــ

[رد المحتار]

لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ لَا يَقْتُلُ يُحْمَلُ إلَى دَارِنَا سِوَى الشَّيْخِ الْفَانِي عَادِمِ النَّفْعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَرَاهِبٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: لَا يُقْتَلُ الرَّاهِبُ فِي صَوْمَعَتِهِ، وَلَا أَهْلُ الْكَنَائِسِ الَّذِينَ لَا يُخَالِطُونَ النَّاسَ، فَإِنْ خَالَطُوا قُتِلُوا كَالْقِسِّيسِ وَاَلَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ يُقْتَلُ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ اهـ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَكَذَا يَجُوزُ قَتْلُ الْأَخْرَسِ وَالْأَصَمِّ وَأَقْطَعِ الْيَدِ الْيُسْرَى أَوْ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُقَاتِلَ رَاكِبًا وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا قَاتَلَتْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ حُكْمِ عَدَمِ الْقَتْلِ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا لِأَحَدٍ وَصَحَّ أَمْرُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِقَتْلِ دُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةَ وَكَانَ عُمْرُهُ مِائَةً وَعِشْرِينَ عَامًا أَوْ أَكْثَرَ، وَقَدْ عَمِيَ لَمَّا جِيءَ بِهِ فِي جَيْشِ هَوَازِنَ لِلرَّأْيِ، وَكَذَا يُقْتَلُ مَنْ قَاتَلَ مِنْ كُلِّ مَنْ قُلْنَا إنَّهُ لَا يُقْتَلُ كَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ إلَّا أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ يُقْتَلَانِ فِي حَالِ قِتَالِهِمَا، أَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ النِّسَاءِ وَالرُّهْبَانِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ إذَا قَاتَلُوا بَعْدَ الْأَسْرِ، وَالْمَرْأَةُ الْمَلِكَةُ تُقْتَلُ وَإِنْ لَمْ تُقَاتِلْ وَكَذَا الصَّبِيُّ الْمَلِكُ؛ لِأَنَّ فِي قَتْلِ الْمَلِكِ كَسْرُ شَوْكَتِهِمْ، وَقَيَّدَ فِي الْجَوْهَرَةِ الصَّبِيَّ الْمَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ حَاضِرًا (قَوْلُهُ فِي الْحَرْبِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَأْيٍ وَمَالٍ عَلَى تَأْوِيلِ الْمَالِ بِالْإِنْفَاقِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ لَا يَتْرُكُونَهُمْ إلَخْ) أَيْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتْرُكُوا مَنْ ذُكِرَ مِمَّنْ لَا يُقْتَلُ بَلْ يَحْمِلُونَهُمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ إذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ عَلَى ذَلِكَ لِمَا ذُكِرَ وَلِئَلَّا يُولَدَ لَهُمْ فَيَكُونَ فِي تَرْكِهِمْ عَوْنٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ الصِّبْيَانُ يَبْلُغُونَ فَيُقَاتِلُونَ، وَأَمَّا الشَّيْخُ الْفَانِي الَّذِي لَا يُقَاتِلَ وَلَا يُلْقِحُ وَلَا رَأْيَ لَهُ، فَإِنْ شَاءُوا تَرَكُوهُ إذْ لَا نَفْعَ فِيهِ لِلْكُفَّارِ أَوْ حَمَلُوهُ لِيُفَادِيَ بِهِ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الْمُفَادَاةَ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا فَائِدَةَ فِي حَمْلِهِ، وَمِثْلُهُ الْعَجُوزُ الَّتِي لَا تَلِدُ مِنَحٌ عَنْ السِّرَاجِ مُلَخَّصًا وَالْمُعْتَمَدُ الْقَوْلُ بِالْمُفَادَاةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي، وَكَذَلِكَ الرُّهْبَانُ وَأَصْحَابُ الصَّوَامِعِ إذَا كَانُوا لَا يَتَزَوَّجُونَ بَحْرٌ: أَيْ وَلَا يُخَالِطُونَ وَبِهِ وَفَّقَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ بَيْنَ هَذَا وَرِوَايَةِ أَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ أَفَادَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ فِي الْبَابِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَفِيهِ فَرَاغُ قَلْبِنَا) أَيْ بِانْدِفَاعِ شَرِّهِ عَنَّا لِاشْتِهَارِ قَتْلِهِ بِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ حَمَلَ إلَخْ) وَكَذَا فَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٌ بِسُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةً بِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ كَمَا بَسَطَهُ السَّرَخْسِيُّ وَقَالَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا لَوْ فِيهِ غَيْظُهُمْ وَفَرَاغُ قَلْبِنَا بِأَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ مِنْ قُوَّادِ الْمُشْرِكِينَ أَوْ عُظَمَاءِ الْمُبَارِزِينَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَمْ أَرَ نَبْشَ قُبُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ إنْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ إلَّا بَيْتَ الْمَالِ جَازَ نَبْشُهُ، ثُمَّ نَقَلَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَالَ هَذَا يَعُمُّ الذِّمِّيَّ اهـ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَيْسَ فِيهِ التَّقْيِيدُ بِتَحَقُّقِ الْمَالِ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ عِنْدَ تَوَهُّمِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ التَّحَقُّقِ يَجُوزُ النَّبْشُ فِي الْمُسْلِمِ لِحَقِّ آدَمِيٍّ كَسُقُوطِ مَتَاعٍ أَوْ تَكْفِينٍ بِثَوْبٍ مَغْصُوبٍ أَوْ دَفْنٍ مَالٍ مَعَهُ وَلَوْ دِرْهَمًا كَمَا فِي جَنَائِزِ الْبَحْرِ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ أَنْ يَبْدَأَ أَصْلَهُ الْمُشْرِكَ) ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إحْيَاؤُهُ بِالْإِنْفَاقِ فَيُنَاقِضُهُ الْإِطْلَاقُ فِي إفْتَائِهِ هِدَايَةٌ، وَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ كَانَ سَبَبَ إيجَادِهِ لِمَا يَأْتِي قَرِيبًا قَيَّدَ بِالْبَدْءِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ قَصَدَ الْأَصْلُ قَتْلَهُ كَمَا يَأْتِي وَبِالْأَصْلِ احْتِرَازًا عَنْ الْفَرْعِ الْمُشْرِكِ وَإِنْ سَفُلَ فَلِلْأَبِ أَنْ يَبْتَدِئَ بِقَتْلِهِ وَكَذَا سَائِرُ الْقَرَابَاتِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ الْكَنْزِ بِالْأَبِ؛ لِأَنَّ أُمَّهُ وَأَجْدَادَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>