للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: وَيُزَادُ عَلَيْهِ الْغُلُولُ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَمَنْعُ الْفَحْلِ؛ بَلْ جَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ الْبَزَّارِ الْآتِي مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَالْإِلْحَادُ بِالْبَيْتِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَيْهَقِيّ وَهَذَا غَيْرُ اسْتِحْلَالِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِصِدْقِهِ بِفِعْلِ مَعْصِيَةٍ فِيهِ وَلَوْ سِرًّا، ثُمَّ رَأَيْت الْجَلَالَ الْبُلْقِينِيَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا مَرَّ عَنْهُ: وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِمَّا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ أَشْيَاءُ وَهِيَ مَنْعُ الْفَحْلِ وَتَعَلُّمُ السِّحْرِ، وَطَلَبُ عَمَلِهِ، وَسُوءُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْغُلُولُ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَكِنَّ حَدِيثَهُ ضَعِيفٌ، وَبِذَلِكَ يَبْلُغُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ كَبِيرَةً، لَكِنَّ مَنْعَ الْفَحْلِ إسْنَادُ حَدِيثِهِ ضَعِيفٌ، وَلَا يَبْلُغُ ضَرَرُهُ ضَرَرَ غَيْرِهِ مِنْ الْكَبَائِرِ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهُ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِ فِي الْحَدِيثِ، وَيُقَالُ عَلَيْهِ: السَّرِقَةُ لَمْ يَجِئْ فِي الْأَحَادِيثِ النَّصُّ عَلَى أَنَّهَا كَبِيرَةٌ إنَّمَا جَاءَ فِيهَا الْغُلُولُ وَهُوَ السَّرِقَةُ مِنْ مَالِ الْغَنِيمَةِ، نَعَمْ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ: «وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» ، وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ: «فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» وَقَوْلُهُ: وَنَكْثُ الصَّفْقَةِ لَمْ يَجِئْ فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ النَّصُّ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرَةٌ وَإِنَّمَا فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ، وَقَوْلُهُ: وَتَرْكُ السُّنَّةِ لَمْ يَأْتِ أَيْضًا فِي الْأَحَادِيثِ النَّصُّ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرَةٌ، وَإِنَّمَا رَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ «أَنَّ نَحْوَ الْمَكْتُوبَةِ وَالْجُمُعَةِ وَرَمَضَانَ كَفَّارَاتٌ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: الْإِشْرَاكِ، وَنَكْثِ الصَّفْقَةِ، وَتَرْكِ السُّنَّةِ» وَفَسَّرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَكْثَ الصَّفْقَةِ بِأَنْ تُبَايِعَ رَجُلًا بِيَمِينِك ثُمَّ تُخَالِفَ إلَيْهِ فَتُقَاتِلَهُ بِسَيْفِك، وَتَرْكَ السُّنَّةِ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْجَمَاعَةِ، وَيُعَضِّدُهُ خَبَرُ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد: «مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قَيْدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ» وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ اتِّبَاعُ الْبِدَعِ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا.

وَلَا بَأْسَ بِالْإِشَارَةِ إلَى تِلْكَ الْأَحَادِيثِ وَهِيَ نَوْعَانِ: مَا صُرِّحَ فِيهِ بِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ أَوْ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ أَوْ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ أَوْ مُوبِقٌ أَوْ مُهْلِكٌ، وَمَا ذُكِرَ فِيهِ نَحْوُ لَعْنٍ أَوْ غَضَبٍ أَوْ وَعِيدٍ شَدِيدٍ

فَمِنْ الْأَوَّلِ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ وَقَوْلُ الزُّورِ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا جَعَلَ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ الْكَبَائِرِ وَضَمَّ الْقَتْلَ إلَيْهِمَا، وَجَعَلَ قَوْلَ الزُّورِ وَشَهَادَتَهُ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ. وَرَوَيَا أَيْضًا «أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك، قُلْتُ: إنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِك» .

<<  <  ج: ص:  >  >>