مَصْحُوبَةٌ بِصِيَانَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لِأَنَّهُمْ قَيَّدُوا ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ بِرًّا وَاحْتِرَامًا وَإِكْرَامًا لَا رِيَاءً وَتَفْخِيمًا وَهَذَا الَّذِي نَفَوْهُ هُوَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: «كَمَا يَقُومُ الْأَعَاجِمُ يُعَظِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا» وَمِنْ ثَمَّ ثَبَتَ فِي نَدْبِ الْقِيَامِ بِقَيْدِهِ الْمَذْكُورِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ جَمَعَهَا النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي جُزْءٍ صَنَّفَهُ فِي ذَلِكَ رَدًّا عَلَى مَنْ أَطْلَقَ إنْكَارَ نَدْبِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بَلْ يَظْهَرُ وُجُوبُهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ دَفْعًا لِلْعَدَاوَةِ وَالتَّقَاطُعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ دَرْءِ الْمَفَاسِدِ.
[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ]
(الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ: الْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ: أَيْ مِنْ كَافِرٍ أَوْ كُفَّارٍ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى الضِّعْفِ إلَّا لِتَحَرُّفٍ لِقِتَالٍ أَوْ لِتَحَيُّزٍ إلَى فِئَةٍ يَسْتَنْجِدُ بِهَا) . قَالَ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: ١٦] . وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ - أَيْ الْمُهْلِكَاتِ - قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» . وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ: «سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْكَبَائِرِ؟ قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُسْلِمَةِ، وَفِرَارٌ يَوْمَ الزَّحْفِ» . وَالطَّبَرَانِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ لَهُ مَا الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: «الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ» . وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ فِيهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ: «الْكَبَائِرُ سَبْعٌ: أَوَّلُهُنَّ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقِّهَا، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَفِرَارٌ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ» . الْحَدِيثَ. وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ فِي الْمُتَابَعَاتِ: «اجْتَنِبُوا الْكَبَائِرَ السَّبْعَ: الشِّرْكَ بِاَللَّهِ، وَقَتْلَ النَّاسِ، وَالْفِرَارَ مِنْ الزَّحْفِ» الْحَدِيثَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute