فِي الدُّنْيَا؟ قَالَ: {وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: ٤٢] قَالَ يَا رَبِّ آتَيْتَنِي مَالًا فَكُنْت أُبَايِعُ النَّاسَ وَكَانَ مِنْ خُلُقِي التَّجَاوُزُ فَكُنْت أُيَسِّرُ عَلَى الْمُوسِرِ وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ. فَقَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: أَنَا أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْك تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي» . وَفِي أُخْرَى لَهُمَا: «كَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ إذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا فَلَقِيَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ» .
وَفِي أُخْرَى لِلنَّسَائِيِّ: «فَإِذَا بَعَثْتُهُ يَتَقَاضَى قُلْتُ لَهُ خُذْ مَا تَيَسَّرَ وَاتْرُكْ مَا تَعَسَّرَ وَتَجَاوَزْ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْك» .
تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّ فِعْلَ الدَّائِنِ بِمَدِينِهِ مَا ذُكِرَ كَبِيرَةٌ ظَاهِرٌ جِدًّا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ، إلَّا أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي إيذَاءِ الْمُسْلِمِ الشَّدِيدِ الَّذِي لَا يُطَاقُ عَادَةً، وَمَفْهُومُ الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَنَّ مَنْ لَمْ يُنْظِرْ مَدِينَهُ الْمُعْسِرَ لَا يُوقَى فَيْحَ جَهَنَّمَ وَذَلِكَ وَعِيدٌ شَدِيدٌ، وَبِهِ يَتَأَكَّدُ عَدُّ ذَلِكَ كَبِيرَةً.
[الْكَبِيرَةُ الثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ الْخِيَانَةُ فِي الصَّدَقَةِ]
(الْخِيَانَةُ فِي الصَّدَقَةِ) أَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ كَانَ غُلُولًا يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَامَ إلَيْهِ أَنْصَارِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْبَلْ مِنِّي عَمَلَك، قَالَ وَمَالَك؟ قَالَ سَمِعْتُك تَقُولُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ وَأَنَا أَقُولُهُ الْآنَ مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَجِئْ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَ وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى» .
وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «يَا أَبَا الْوَلِيدِ اتَّقِ اللَّهَ لَا تَأْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِبَعِيرٍ تَحْمِلُهُ لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةٍ لَهَا ثُغَاءٌ، قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ؟ قَالَ: إي وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، قَالَ فَوَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَا أَعْمَلُ لَك عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا» .
وَأَحْمَدُ: «سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مَشَارِقُ الْأَرْضِ وَمَغَارِبُهَا وَإِنَّ عُمَّالَهَا فِي النَّارِ إلَّا مَنْ اتَّقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَدَّى الْأَمَانَةَ» .
وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ: أَنَّهُ «كَانَ مَاشِيًا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبَقِيعِ فَسَمِعَهُ يَقُولُ: أُفٍّ لَك أُفٍّ لَك فَتَأَخَّرَ وَظَنَّ أَنَّهُ يُرِيدُهُ، فَقَالَ لَهُ مَا لَك امْشِ، قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute