نَفْسِهِ وَقَوْمِهِ، وَكَيْفَ لَا؟ وَمَنْ حَفِظَهُ فَقَدْ أُدْرِجَتْ النُّبُوَّةُ بَيْنَ جَنْبَيْهِ، وَصَارَ مِمَّنْ يُقَالُ: فِيهِ هُوَ مِنْ أَهْلِ اللَّهِ وَخَاصَّتِهِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمِنْ الْمُنَاسِبِ تَغْلِيظُ الْعُقُوبَةِ عَلَى مَنْ أَخَلَّ بِمَرْتَبَتِهِ الدِّينِيَّةِ، وَمُؤَاخَذَتُهُ بِمَا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ غَيْرُهُ، وَتَرْكُ مُعَاهَدَةِ الْقُرْآنِ يُؤَدِّي إلَى الْجَهَالَةِ انْتَهَى.
[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالسِّتُّونَ الْجِدَالُ وَالْمِرَاءُ]
(الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالسِّتُّونَ: الْجِدَالُ وَالْمِرَاءُ وَهُوَ الْمُخَاصَمَةُ، وَالْمُحَاجَجَةُ، وَطَلَبُ الْقَهْرِ، وَالْغَلَبَةِ فِي الْقُرْآنِ أَوْ الدِّينِ) أَخْرَجَ الطَّيَالِسِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تُجَادِلُوا فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّ جِدَالًا فِيهِ كُفْرٌ» . وَالْحَاكِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْجِدَالُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ» . وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ عَنْهُ أَيْضًا، «الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ» . وَالسِّجْزِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: «نُهِيَ عَنْ الْجِدَالِ فِي الْقُرْآنِ» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «دَعُوا الْمِرَاءَ فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّ الْأُمَمَ قَبْلَكُمْ لَمْ يُلْعَنُوا حَتَّى اخْتَلَفُوا فِي الْقُرْآنِ، إنَّ مِرَاءً فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ» . وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ: «لَا تُمَارُوا فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّ الْمِرَاءَ فِيهِ كُفْرٌ» . وَالدَّيْلَمِيُّ: «لَا تُجَادِلُوا فِي الْقُرْآنِ وَلَا تُكَذِّبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، فَوَاَللَّهِ إنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُجَادِلُ بِهِ فَيُغْلَبُ، وَإِنَّ الْمُنَافِقَ لَيُجَادِلُ بِهِ فَيُغَالِبُ» .
وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قَوْمٍ يَتَنَازَعُونَ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ يَا قَوْمُ بِهَذَا هَلَكَتْ الْأُمَمُ قَبْلَكُمْ مِنْ الْقُرُونِ، إنَّ الْقُرْآنَ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا فَلَا تُكَذِّبُوا بَعْضَهُ بِبَعْضٍ» . وَالطَّبَرَانِيُّ وَفِيهِ مَنْ اُخْتُلِفَ فِي تَوْثِيقِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ بَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَتَذَاكَرُ يَنْزِعُ هَذَا بِآيَةٍ وَيَنْزِعُ هَذَا بِآيَةٍ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَأَنَّمَا يُنْقَعُ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ، فَقَالَ: يَا هَؤُلَاءِ أَبِهَذَا بُعِثْتُمْ أَمْ بِهَذَا أُمِرْتُمْ؟ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» وَصَحَّ: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إلَّا أُوتُوا الْجِدَالَ ثُمَّ قَرَأَ: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا} [الزخرف: ٥٨] » .
وَرَوَى الشَّيْخَانِ: «إنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ - أَيْ الشَّدِيدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute