الصَّحِيحَةِ السَّابِقَةِ: أَنَّ تَارِكَهَا تَبْرَأُ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، وَأَنَّهُ لَا عَهْدَ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ ظَاهِرٌ أَوْ صَرِيحٌ فِي إهْدَارِ دَمِهِ، وَمِنْ لَازِمِ إهْدَارِهِ وُجُوبُ قَتْلِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْتَلْ بِتَرْكِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَخْذُهَا مِنْهُ بِالْمُقَاتَلَةِ وَلَا بِتَرْكِ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إلْجَاؤُهُ إلَيْهِ بِالْحَبْسِ وَمَنْعِ الْمُفْطِرِ كَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا مُخَلِّصَ لَهُ إلَى تَنَاوُلِ مُفْطِرٍ نَهَارًا، نَوَى لَيْلًا، وَصَامَ، وَلَا بِتَرْكِ الْحَجِّ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَيُمْكِنُ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَالصَّلَاةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فِي الْكُلِّ فَلَمْ يُنَاسِبْ عُقُوبَةَ تَرْكِهَا إلَّا الْقَتْلُ، وَإِذَا جَازَتْ الْمُقَاتَلَةُ لِتَخْلِيصِ الزَّكَاةِ فَلَأَنْ يَجُوزَ الْقَتْلُ بِحَمْلِ النَّاسِ بِالْخَوْفِ مِنْهُ عَلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ مِنْ بَابِ أَوْلَى.
[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالسَّبْعُونَ النَّوْمُ عَلَى سَطْحٍ لَا تَحْجِيرَ بِهِ]
(الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالسَّبْعُونَ: النَّوْمُ عَلَى سَطْحٍ لَا تَحْجِيرَ بِهِ) أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ حِجَارٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ» ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ " حِجَابٌ " بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَنَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَطْحٍ لَيْسَ بِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ» .
وَالطَّبَرَانِيُّ: «مَنْ رَمَانَا بِاللَّيْلِ فَلَيْسَ مِنَّا وَمَنْ رَقَدَ عَلَى سَطْحٍ لَا جِدَارَ لَهُ فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ» .
وَعَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ قَالَ: " كُنَّا بِفَارِسَ وَعَلَيْنَا أَمِيرٌ يُقَالُ لَهُ زُهَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَأَبْصَرَ إنْسَانًا فَوْقَ بَيْتٍ أَوْ إجَّارٍ - أَيْ بِكَسْرٍ فَجِيمٍ مُشَدَّدَةٍ سَطْحٌ لَيْسَ حَوْلَهُ شَيْءٌ - فَقَالَ لِي سَمِعْتَ فِي هَذَا شَيْئًا؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ بَاتَ فَوْقَ إجَّارٍ أَوْ فَوْقَ بَيْتٍ لَيْسَ حَوْلَهُ شَيْءٌ يَرُدُّ رِجْلَهُ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَمَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ بَعْدَمَا يُرِيحُ - أَيْ يَهِيجُ وَيَضْطَرِبُ - فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ مَرْفُوعًا هَكَذَا وَمَوْقُوفًا وَرُوَاتُهُمَا ثِقَاتٌ وَالْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَيْضًا قَالَ: كُنْت مَعَ زُهَيْرٍ الشَّوَّاءِ فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ نَائِمٍ عَلَى ظَهْرِ جِدَارٍ وَلَيْسَ لَهُ مَا يَدْفَعُ رِجْلَيْهِ فَضَرَبَ يَدَهُ بِرِجْلِهِ ثُمَّ قَالَ قُمْ، ثُمَّ قَالَ زُهَيْرٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ جِدَارٍ وَلَيْسَ لَهُ مَا يَدْفَعُ رِجْلَيْهِ فَوَقَعَ فَمَاتَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ» . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute