أَيْ وَهُمَا بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فِيهِمَا مَا انْفَرَدَ عَنْ إلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ، فَقَالُوا: مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَانٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَمَا إنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «فَقَالُوا: أَيُّنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إنْ كَانَ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ أَنَا صَاحِبُهُ أَبَدًا، قَالَ: فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ قَالَ: فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ؛ فَوَضَعَ سَيْفَهُ بِالْأَرْضِ وَذُبَابُهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّك رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْت آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ فَقُلْت: أَنَا لَكُمْ بِهِ فَخَرَجْت فِي طَلَبِهِ حَتَّى جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ ذَلِكَ هُوَ صَرِيحُ الْآيَةِ وَالْأَحَادِيثِ الَّتِي بَعْدَهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ وَفِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْوَعِيدِ قَتْلُ الْمُهْدَرِ لِنَفْسِهِ: كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ الْمُتَحَتِّمِ قَتْلُهُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ وَإِنْ أُهْدِرَ دَمُهُ لَا يُبَاحُ لَهُ هُوَ إرَاقَتُهُ، بَلْ لَوْ أَرَاقَهُ لَا يَكُونُ كَفَّارَةً لَهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا حُكِمَ بِالْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ عُوقِبَ بِذَنْبِهِ، وَأَمَّا مَنْ عَاقَبَ نَفْسَهُ فَهُوَ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَنْ عُوقِبَ. .
[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ وَالسَّادِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الْإِعَانَةُ عَلَى الْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ]
(الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ وَالسَّادِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ: الْإِعَانَةُ عَلَى الْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ وَحُضُورُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى دَفْعِهِ فَلَمْ يَدْفَعْهُ) أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ وَالْأَصْبَهَانِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» ، وَمَرَّ هَذَا الْحَدِيثُ قَرِيبًا مَعَ بَيَانِ مَعْنَاهُ.
وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: «لَا يَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ مَوْقِفًا يُقْتَلُ فِيهِ رَجُلٌ ظُلْمًا فَإِنَّ اللَّعْنَةَ تَنْزِلُ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ حِينَ لَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ» . وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ: «مَنْ جَرَحَ ظَهْرَ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: «ظَهْرُ الْمُؤْمِنِ حِمًى إلَّا بِحَقِّهِ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute