للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحَاصِلُ؛ أَنَّ الْكُوبَةَ تُطْلَقُ عَلَى الطَّبْلِ السَّابِقِ وَهُوَ مُرَادُ الْفُقَهَاءِ وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ السَّابِقَ: «إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِكُلِّ مُذْنِبٍ إلَّا صَاحِبَ عَرْطَابَةٍ أَوْ كُوبَةٍ» عَلَيْهِ وَعَلَى النَّرْدِ وَهُوَ لُغَةُ أَهْلِ الْيَمَنِ وَعَلَى الشِّطْرَنْجِ؛ وَأَمَّا زَعْمُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ تَفْسِيرَهَا بِالطَّبْلِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ فَيَرُدُّهُ مَا مَرَّ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ وَغَيْرِهِ؛ بَلْ الصَّوَابُ إطْلَاقُهَا لُغَةً عَلَى الطَّبْلِ السَّابِقِ وَعَلَى النَّرْدِ وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ الْأَوَّلُ، لَكِنَّ الْمَوْجُودَةَ الْآنَ لَيْسَ اتِّسَاعُ طَرَفَيْهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَأَيْضًا فَأَحَدُهُمَا وَهُوَ الْمُتَّسَعُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجِلْدُ الَّذِي يُضْرَبُ عَلَيْهِ وَالْآخَرُ ضَيِّقٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي تَفْسِيرَ الْفُقَهَاءِ الْمَذْكُورَ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ مِمَّنْ لَا يَعْتَدُّ بِهِ.

[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ التَّشْبِيبُ بِغُلَامٍ أَوْ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ]

(الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ

التَّشْبِيبُ بِغُلَامٍ وَلَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مَعَ ذِكْرِ أَنَّهُ يَعْشَقُهُ أَوْ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا بِفُحْشٍ أَوْ بِامْرَأَةٍ مُبْهَمَةٍ مَعَ ذِكْرِهَا بِالْفُحْشِ وَإِنْشَادِ هَذَا التَّشْبِيبِ) . وَكَوْنُ الْأَوَّلِ كَبِيرَةً هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ كَانَ يُشَبِّبُ بِغُلَامٍ وَيَذْكُرُ أَنَّهُ يَعْشَقُهُ فَسَقَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى الذُّكُورِ بِالشَّهْوَةِ حَرَامٌ بِكُلِّ حَالٍ انْتَهَى. وَاَلَّذِي فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ اعْتِبَارُ التَّعْيِينِ فِي الْغُلَامِ كَالْمَرْأَةِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَالْأَوَّلُ ضَعِيفٌ جِدًّا إذْ لَيْسَ فِي التَّشْبِيبِ دَلَالَةٌ عَلَى النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الشَّاعِرَ إنَّمَا يَقُولُهُ تَرْقِيقًا لِشِعْرِهِ وَإِظْهَارًا لِصُنْعِهِ لَا أَنَّهُ عَاشِقٌ حَقِيقَةً، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَفْسُقُ بِمُجَرَّدِ التَّشْبِيبِ بِمَجْهُولٍ، ثُمَّ ذَكَرَ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - غَزَلًا مِنْ جُمْلَتِهِ:

لَوْ أَنَّ عَيْنَيَّ إلَيْك الدَّهْرَ نَاظِرَةٌ ... جَاءَتْ وَفَاتِي وَلَمْ أَشْبَعْ مِنْ النَّظَرِ

ثُمَّ قَالَ لَيْسَ فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ غُلَامٌ لِجَوَازِ كَوْنِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَهُ فِي زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ. وَكَوْنُ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ كَبِيرَتَيْنِ أَيْضًا هُوَ مَا ذَكَرَهُ شُرَيْحٌ فِي رَوْضَةِ الْحُكَّامِ حَيْثُ قَالَ: إذَا شَبَّبَ بِامْرَأَةٍ وَذَكَرَهَا بِفُحْشٍ فَهُوَ فَاسِقٌ، وَإِنْ ذَكَرَهَا بِطُولٍ أَوْ قِصَرٍ، فَإِنْ عَيَّنَهَا وَكَانَتْ أَمَتَهُ أَوْ امْرَأَتَهُ لَمْ يَفْسُقْ؛ لِأَنَّهُ سَفَهٌ يَسِيرٌ. وَقِيلَ: تُرَدُّ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً مُعَيَّنَةً فَسَقَ أَوْ مُبْهَمَةً لَمْ يَفْسُقْ، وَقِيلَ يَفْسُقُ لِأَنَّهُ سَفَهٌ. انْتَهَى.

وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا يَفْسُقُ بِذَلِكَ، وَأَنَّ رَدَّ الشَّهَادَةِ إنْ قِيلَ بِهِ إنَّمَا هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>