للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَلَّ مِنْ الْمَهْرِ أَوْ كَثُرَ وَلَيْسَ فِي نَفْسِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهَا حَقَّهَا خَدَعَهَا فَمَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّ إلَيْهَا حَقَّهَا لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ زَانٍ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ اسْتَدَانَ دَيْنًا وَهُوَ لَا يُرِيدُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى صَاحِبِهِ حَقَّهُ خَدَعَهُ حَتَّى أَخَذَ مَالَهُ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ سَارِقٌ» . وَالْبَيْهَقِيُّ «مَنْ أَصْدَقَ امْرَأَةً صَدَاقًا وَاَللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَدَاءَهُ إلَيْهَا فَغَرَّهَا بِاَللَّهِ وَاسْتَحَلَّ فَرْجَهَا بِالْبَاطِلِ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ زَانٍ» . وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ أَيْضًا: «إنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا طَلَّقَهَا وَذَهَبَ بِمَهْرِهَا، وَرَجُلٌ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا فَذَهَبَ بِأُجْرَتِهِ، وَآخَرُ يَقْتُلُ دَابَّةً عَبَثًا» . وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ مَتْرُوكٌ: «أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يَنْوِي أَنْ لَا يُعْطِيَهَا مِنْ صَدَاقِهَا شَيْئًا مَاتَ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ زَانٍ» .

تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا هُوَ صَرِيحُ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الصَّحِيحِ وَمَا بَعْدَهُ وَبِهِ جَزَمَ بَعْضُهُمْ، لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَيْسَ فِي نَفْسِهِ أَنْ يُوَفِّيَهَا الصَّدَاقَ وَعَدَلْت عَنْهُ فِي التَّرْجَمَةِ إلَى مَا عَبَّرْت بِهِ لِمَا هُوَ وَاضِحٌ أَنَّ مَنْ لَيْسَ فِي نَفْسِهِ أَدَاءٌ وَلَا مَنْعٌ لَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِ ذَلِكَ كَبِيرَةً الَّذِي أَفْهَمَتْهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ، لَكِنَّ قَائِلَهَا اغْتَرَّ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَنْظُرْ إلَى آخِرِهِ وَلَا إلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهُ، وَهِيَ - وَاَللَّهُ يَعْلَمُ - أَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَدَاءَهُ إلَيْهَا وَلَوْ نَظَرَ لِذَلِكَ لَعَبَّرَ بِمَا عَبَّرْت بِهِ، وَوَجْهُ كَوْنِ ذَلِكَ كَبِيرَةً تَضَمُّنُهُ لِثَلَاثِ كَبَائِرَ: الْغَدْرُ وَالظُّلْمُ وَاسْتِيفَاءُ مَنَافِعِ الْحُرِّ بِعِوَضٍ ثُمَّ مَنْعُهُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا قَيَّدْت فِي التَّرْجَمَةِ بِقَوْلِي لَوْ طَلَبَتْهُ لَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ فِي عَزْمِهِ أَنَّهُ لَا يُؤَدِّيهِ إلَيْهَا؛ لِغَلَبَةِ الْمُسَامَحَةِ فِي الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَهْرِ؛ وَعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْضِ ذَلِكَ إثْمُهُ فَضْلًا عَنْ فِسْقِهِ.

[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ تَصْوِيرُ ذِي رُوحٍ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ مِنْ مُعَظَّمٍ أَوْ مُمْتَهَنٍ بِأَرْضٍ أَوْ غَيْرِهَا]

بَابُ الْوَلِيمَةِ (الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ: تَصْوِيرُ ذِي رُوحٍ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ مِنْ مُعَظَّمٍ أَوْ مُمْتَهَنٍ بِأَرْضٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَوْ صُورَةً لَا نَظِيرَ لَهَا كَفَرَسٍ لَهَا أَجْنِحَةٌ) قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} [الأحزاب: ٥٧] قَالَ عِكْرِمَةُ: هُمْ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الصُّوَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>