{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [النساء: ٩] فَمَنْ تَأَمَّلَ هَذِهِ الْآيَةَ خَشِيَ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ مِنْ أَعْمَالِهِ السَّيِّئَةِ وَانْكَفَّ عَنْهَا حَتَّى لَا يَحْصُلَ لَهُمْ نَظِيرُهَا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَبِهِ الْحَوْلُ وَالْقُوَّةُ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.
[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ إنْفَاقُ السِّلْعَةِ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ]
أَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَالْأَرْبَعَةُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. قُلْت: خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «الْمُسْبِلُ إزَارَهُ وَالْمَنَّانُ عَطَاءَهُ» . وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ: «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. أُشَيْمِطٌ زَانٍ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ، وَرَجُلٌ جَعَلَ اللَّهُ بِضَاعَتَهُ لَا يَشْتَرِي إلَّا بِيَمِينِهِ وَلَا يَبِيعُ إلَّا بِيَمِينِهِ» ، وَرَوَاهُ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِلَفْظِ: «لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» وَرُوَاتُهُ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي الصَّحِيحِ، وَالْأُشَيْمِطُ مُصَغَّرُ أَشْمَطَ وَهُوَ مَنْ ابْيَضَّ شَعْرُ رَأْسِهِ كِبَرًا وَاخْتَلَطَ بِأَسْوَدِهِ، وَالْعَائِلُ الْفَقِيرُ.
وَالطَّبَرَانِيُّ: «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ غَدًا: شَيْخٌ زَانٍ، وَرَجُلٌ اتَّخَذَ الْأَيْمَانَ بِضَاعَتَهُ يَحْلِفُ فِي كُلِّ حَقٍّ وَبَاطِلٍ، وَفَقِيرٌ مُخْتَالٌ» أَيْ مَنْ هُوَ مُتَكَبِّرٌ مُعْجَبٌ فَخُورٌ. وَالشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِفَلَاةٍ يَمْنَعُهُ ابْنَ السَّبِيلِ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «يَقُولُ اللَّهُ لَهُ الْيَوْمَ أَمْنَعُك فَضْلِي كَمَا مَنَعْت فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاك، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا سِلْعَةً بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ بِاَللَّهِ لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ فَأَخَذَهَا وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إلَّا لِلدُّنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَفِ لَهُ» .
وَفِي رِوَايَةٍ. «وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أُعْطِيَ وَهُوَ كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْيَوْمَ أَمْنَعُك فَضْلِي كَمَا مَنَعْت فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاك» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute