للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَحَادِيثِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ أَخْذًا قَرِيبًا إلَّا أَنَّ الْأَصَحَّ مِنْ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ بِحَمْلِهَا عَلَى مَنْ آذَى بِهِ النَّاسَ أَذًى شَدِيدًا عُرْفًا، وَحَمْلُ الْكَرَاهَةِ عَلَى مَا إذَا خَفَّ ذَلِكَ الْأَذَى، وَيَأْتِي عَلَى الْأَثَرِ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْجُلُوسِ وَسْطَ الْحَلْقَةِ.

[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ بَعْدَ الْمِائَةِ الْجُلُوسُ وَسْطُ الْحَلْقَةِ]

(الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ بَعْدَ الْمِائَةِ الْجُلُوسُ وَسْطُ الْحَلْقَةِ) : أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ جَلَسَ وَسْطَ الْحَلْقَةِ» .

وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ: «أَنَّ رَجُلًا قَعَدَ وَسْطَ حَلْقَةٍ فَقَالَ حُذَيْفَةُ مَلْعُونٌ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، أَوْ: «لَعَنَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ جَلَسَ وَسْطَ الْحَلْقَةِ» .

وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: «مَنْ تَخَطَّى حَلْقَةَ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَهُوَ عَاصٍ» .

وَأَبُو دَاوُد: «لَا تَجْلِسْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إلَّا بِإِذْنِهِمَا» .

وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إلَّا بِإِذْنِهِمَا» .

وَالْبَغَوِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ: «إذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ الْمَجْلِسَ فَإِنْ وَسِعَ لَهُ فَلْيَجْلِسْ وَإِلَّا فَلْيَنْظُرْ إلَى أَوْسَعِ مَكَان يَرَاهُ فَلْيَجْلِسْ فِيهِ» .

تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا كَبِيرَةً وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَكَأَنَّهُمْ أَخَذُوهُ مِنْ اللَّعْنِ عَلَيْهِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَخْذٌ ظَاهِرٌ إنْ آذَى بِهِ غَيْرَهُ إيذَاءً لَا يُحْتَمَلُ عُرْفًا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الْحَدِيثُ أَيْضًا. وَأَمَّا قَوْلُ أَصْحَابِنَا بِكَرَاهَتِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا خَفَّ الْإِيذَاءُ بِهِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّفْصِيلَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي كُتُبِنَا الْفِقْهِيَّةِ فِي حَمْلِ السِّلَاحِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَتَقْبِيلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ عِنْدَ الزَّحْمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْإِيذَاءَ إنْ خَفَّ كُرِهَ وَإِلَّا حَرُمَ، وَبِهَذَا اتَّضَحَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا وَالْحَدِيثِ، فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ تَنَبَّهَ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>