للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَقُولُ فَرْجُهُ أَنَا فَعَلْت، وَيَقُولُ الْحَافِظُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَأَنَا سَمِعْت، وَيَقُولُ الْمَلَكُ الْآخَرُ وَأَنَا كَتَبْت، وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنَا اطَّلَعْت وَسَتَرْت، ثُمَّ يَقُولُ يَا مَلَائِكَتِي خُذُوهُ وَمِنْ عَذَابِي أَذِيقُوهُ فَقَدْ اشْتَدَّ غَضَبِي عَلَى مَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ مِنِّي» .

وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النور: ٢٤] وَأَعْظَمُ الزِّنَا عَلَى الْإِطْلَاقِ الزِّنَا بِالْمَحَارِمِ فَقَدْ صَحَّحَ الْحَاكِمُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ فَاقْتُلُوهُ» اهـ. وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ وَغَيْرِهِ أَنَّ الزِّنَا لَهُ ثَمَرَاتٌ قَبِيحَةٌ: مِنْهَا أَنَّهُ يُورِدُ النَّارَ وَالْعَذَابَ الشَّدِيدَ، وَأَنَّهُ يُورِثُ الْفَقْرَ وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِمِثْلِهِ مِنْ ذُرِّيَّةِ الزَّانِي، وَلَمَّا قِيلَ لِبَعْضِ الْمُلُوكِ ذَلِكَ أَرَادَ تَجْرِبَتَهُ بِابْنَةٍ لَهُ وَكَانَتْ غَايَةً فِي الْجَمَالِ أَنْزَلَهَا مَعَ امْرَأَةٍ فَقِيرَةٍ وَأَمَرَهَا أَنْ لَا تَمْنَعَ أَحَدًا أَرَادَ التَّعَرُّضَ لَهَا بِأَيِّ شَيْءٍ شَاءَ ثُمَّ أَمَرَهَا بِكَشْفِ وَجْهِهَا وَأَنَّهَا تَطُوفُ بِهَا فِي الْأَسْوَاقِ فَامْتَثَلَتْ فَمَا مَرَّتْ بِهَا عَلَى أَحَدٍ إلَّا وَأَطْرَقَ رَأْسَهُ عَنْهَا حَيَاءً وَخَجَلًا، فَلَمَّا طَافَتْ بِهَا الْمَدِينَةَ كُلَّهَا وَلَمْ يَمُدَّ أَحَدٌ نَظَرَهُ إلَيْهَا حَتَّى قَرُبَتْ بِهَا مِنْ دَارِ الْمَلِكِ لِتُرِيدَ الدُّخُولَ بِهَا فَأَمْسَكَهَا إنْسَانٌ وَقَبَّلَهَا ثُمَّ ذَهَبَ عَنْهَا، فَأَدْخَلَتْهَا عَلَى الْمَلِكِ فَسَأَلَهَا عَمَّا وَقَعَ فَذَكَرَتْ لَهُ الْقِصَّةَ فَسَجَدَ لِلَّهِ شُكْرًا وَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا وَقَعَ مِنِّي فِي عُمْرِي قَطُّ إلَّا قِبْلَةٌ لِامْرَأَةٍ وَقَدْ قُوصِصْت بِهَا.

وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الزِّنَا لَهُ مَرَاتِبُ: فَهُوَ بِأَجْنَبِيَّةٍ لَا زَوْجَ لَهَا عَظِيمٌ، وَأَعْظَمُ مِنْهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ لَهَا زَوْجٌ، وَأَعْظَمُ مِنْهُ بِمَحْرَمٍ، وَزِنَا الثَّيِّبِ أَقْبَحُ مِنْ الْبِكْرِ بِدَلِيلِ اخْتِلَافِ حَدَّيْهِمَا، وَزِنَا الشَّيْخِ لِكَمَالِ عَقْلِهِ أَقْبَحُ مِنْ زِنَا الشَّابِّ، وَالْحُرِّ وَالْعَالِمِ لِكَمَالِهِمَا أَقْبَحُ مِنْ الْقِنِّ وَالْجَاهِلِ.

[خَاتِمَةٌ فِيمَا جَاءَ فِي حِفْظِ الْفَرْجِ]

ِ. أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ: «مِنْ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: رَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ إنِّي أَخَافُ اللَّهَ» . وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَلَكِنْ سَمِعْته أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَقُولُهُ «كَانَ الْكِفْلُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَكَانَ لَا يَتَوَرَّعُ مِنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَعْطَاهَا سِتِّينَ دِينَارًا

<<  <  ج: ص:  >  >>