فِي الْعَدَالَةِ. وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: كَشْفُهَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْخَلْوَةِ. لَكِنْ أَقَرَّ الشَّيْخَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا صَاحِبَ الْعُدَّةِ عَلَى إطْلَاقِهِ أَنَّ كَشْفَهَا صَغِيرَةٌ، وَيُوَافِقُهُ إفْتَاءُ الْحَنَّاطِيِّ بِأَنَّ مَنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إزَارٍ يَصِيرُ فَاسِقًا إذَا تَعَوَّدَ ذَلِكَ انْتَهَى.
فَتَقْيِيدُهُ الْفِسْقَ بِالتَّكَرُّرِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ صَغِيرَةٌ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْقَوْلَ بِأَنَّ ذَلِكَ صَغِيرَةً عَلَى مَا إذَا كَشَفَهَا فِي الْخَلْوَةِ وَإِنْ أَمِنَ حُضُورَ مَنْ يَرَاهُ لِوُجُوبِ السَّتْرِ فِيهَا أَيْضًا.
وَالْحَاصِلُ؛ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ صَغِيرَةٌ مُطْلَقًا، لَكِنَّهُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ يُوجِبُ خَرْمَ الْمُرُوءَةِ، وَقِلَّةَ الْمُبَالَاةِ، فَتُبْطَلُ بِهِ الشَّهَادَةُ وَيَكُونُ كَالْفِسْقِ فِي مَنْعِهِ لَهَا؛ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا مَرَّ عَنْ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْحَدَّادِ، وَمَا بَعْدَهُ، وَأَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي حَدِّ الْكَبِيرَةِ وَصَرَّحَ بِهِ مَنْ مَرَّ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ كَبِيرَةٌ. تَنْبِيهٌ آخَرُ: قَضِيَّةُ الْحَدِيثِ الْأَخِيرِ الَّذِي فِيهِ لَعْنُ النَّاظِرِ وَالْمَنْظُورِ أَنَّ النَّظَرَ إلَى الْعَوْرَةِ كَبِيرَةٌ وَأَنَّ كَشْفَهَا كَبِيرَةٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ اللَّعْنَ مِنْ عَلَامَاتِ الْكَبِيرَةِ؛ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ تَعَمُّدَ نَظَرِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ أَمْرَدَ بِغَيْرِ حَاجَةٍ فِسْقٌ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ.
[بَابُ الْحَيْضِ]
[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالسَّبْعُونَ وَطْءُ الْحَائِضِ]
بَابُ الْحَيْضِ (الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالسَّبْعُونَ: وَطْءُ الْحَائِضِ) أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَتَى حَائِضًا فِي فَرْجِهَا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا، أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: ضَعَّفَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ قِبَلِ إسْنَادِهِ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ قَوْلِهِ.
تَنْبِيهٌ: مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَحَامِلِيِّ، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكَذَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذِّبِ عَنْ الْمَحَامِلِيِّ أَيْضًا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّيْخَ مُحْيِيَ الدِّينِ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ غَيْرِهِ فَنَقَلَهُ نَقْلَ مُسْتَغْرِبٍ لَهُ، وَقَدْ جَاءَ فِيهِ حَدِيثٌ، وَذَكَرَ مَا مَرَّ ثُمَّ قَالَ: فَهَذَا الْحَدِيثُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِضَعْفِ إسْنَادِهِ كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُثْبَتَ الْكَبِيرَةُ بِذَلِكَ مَعَ احْتِمَالِ تَأْوِيلِهِ بِأَنْ يَكُونَ مُسْتَحِلًّا فَإِنَّهُ مُحَرَّمٌ بِالْإِجْمَاعِ - أَيْ الْمَعْلُومِ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute