إلَيْهِ، فَقَالَ: إنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّارًا إلَّا مَنْ اتَّقَى وَبَرَّ وَصَدَقَ» . وَأَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ: «إنَّ التُّجَّارَ هُمْ الْفُجَّارُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ اللَّهُ قَدْ أَحَلَّ الْبَيْعَ؟ قَالَ بَلَى، وَلَكِنَّهُمْ يَحْلِفُونَ فَيَأْثَمُونَ وَيُحَدِّثُونَ فَيَكْذِبُونَ» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا كَبِيرَةً وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِشِدَّةِ الْوَعِيدِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ ذَكَرَهُ.
[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ]
قَالَ تَعَالَى: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ} [فاطر: ٤٣] وَمَرَّ الْكَلَامُ عَلَى الْمَكْرِ قَبْلَ كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي بَحْثِ الْأَمْنِ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا وَالْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ فِي النَّارِ» . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا مُخْتَصَرًا قَالَ: «الْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ وَالْخِيَانَةُ فِي النَّارِ» . وَفِي حَدِيثٍ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خِبٌّ: أَيْ مَكَّارٌ، وَلَا بَخِيلٌ وَلَا مَنَّانٌ» . وَفِي آخَرَ: «الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ وَالْفَاسِقُ خِبٌّ لَئِيمٌ» . وَقَالَ تَعَالَى عَنْ الْمُنَافِقِينَ: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: ١٤٢] أَيْ مُجَازِيهِمْ بِمَا يُشْبِهُ الْخِدَاعَ عَلَى خِدَاعِهِمْ لَهُ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ نُورًا كَمَا يُعْطَى الْمُؤْمِنُونَ فَإِذَا مَضَوْا عَلَى الصِّرَاطِ أُطْفِئَ نُورُهُمْ وَبَقُوا فِي الظُّلْمَةِ.
وَفِي حَدِيثٍ: «أَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ وَذَكَرَ مِنْهُمْ رَجُلًا لَا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إلَّا وَهُوَ مُخَادِعُك عَنْ أَهْلِك وَمَالِكِ» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا كَبِيرَةً صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ أَحَادِيثِ الْغِشِّ السَّابِقَةِ وَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، إذْ كَوْنُ الْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ فِي النَّارِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمَا إلَّا أَنَّ صَاحِبَهُمَا فِيهَا وَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute