للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا هُوَ قَضِيَّةُ هَذَا الْوَعِيدِ الَّذِي فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا يُحْتَمَلُ.

[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ مَنْعُ الزَّوْجِ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ زَوْجَتِهِ]

(الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ مَنْعُ الزَّوْجِ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ زَوْجَتِهِ الْوَاجِبَةِ لَهَا عَلَيْهِ كَالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَمَنْعُهَا حَقًّا لَهُ عَلَيْهَا كَذَلِكَ، كَالتَّمَتُّعِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ) قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: ٢٢٨] ذَكَرَهُ تَعَالَى عَقِبَ قَوْلِهِ: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة: ٢٢٨] لِأَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمُرَاجَعَةِ إصْلَاحُ حَالِهَا لَا إيصَالُ الضَّرَرِ إلَيْهَا بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ حَقًّا عَلَى الْآخَرِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إنِّي لَأَتَزَيَّنُ لِامْرَأَتِي كَمَا تَتَزَيَّنُ لِي لِهَذِهِ الْآيَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِحَقِّهَا وَمَصَالِحِهَا، وَيَجِبُ عَلَيْهَا الِانْقِيَادُ وَالطَّاعَةُ لَهُ، وَقِيلَ: لَهُنَّ عَلَى الزَّوْجِ إرَادَةُ الْإِصْلَاحِ عِنْدَ الْمُرَاجَعَةِ، وَعَلَيْهِنَّ تَرْكُ الْكِتْمَانِ فِيمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ. وَالْأَوْلَى إبْقَاءُ الْآيَةِ عَلَى الْعُمُومِ وَإِنْ كَانَ صَدْرُهَا يُؤَيِّدُ هَذَا الْقَوْلَ، ثُمَّ دَرَجَةُ الرَّجُلِ عَلَيْهَا؛ لِكَوْنِهِ أَكْمَلَ مِنْهَا فَضْلًا وَعَقْلًا وَدِيَةً وَمِيرَاثًا وَغَنِيمَةً، وَكَوْنِهِ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ وَالْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَوْنِهِ يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا وَيَتَسَرَّى، وَيَقْدِرُ عَلَى طَلَاقِهَا وَرَجْعَتِهَا، وَإِنْ أَبَتْ وَلَا عَكْسَ، وَأَيْضًا فَهُوَ أَخَصُّ بِأَنْوَاعٍ مِنْ الرَّحْمَةِ وَالْإِصْلَاحِ كَالْتِزَامِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالذَّبِّ عَنْهَا، وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهَا، وَمَنْعِهَا مِنْ مَوَاقِعِ الْآفَاتِ، فَكَانَ قِيَامُهَا بِخِدْمَتِهِ آكَدُ لِهَذِهِ الْحُقُوقِ الزَّائِدَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: ٣٤] .

وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: تَفْضِيلُ الرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ حَقِيقِيَّةٍ وَشَرْعِيَّةٍ: فَمِنْ الْأَوَّلِ: أَنَّ عُقُولَهُمْ وَعُلُومَهُمْ أَكْثَرُ وَقُلُوبَهُمْ عَلَى الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ أَصْبَرُ وَكَذَلِكَ الْقُوَّةُ وَالْكِتَابَةُ غَالِبًا وَالْفُرُوسِيَّةُ وَالرَّمْيُ، وَفِيهِمْ الْعُلَمَاءُ وَالْإِمَامَةُ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى وَالْجِهَادُ وَالْأَذَانُ وَالْخُطْبَةُ وَالْجُمُعَةُ وَالِاعْتِكَافُ وَالشَّهَادَةُ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصُ وَالْأَنْكِحَةُ وَنَحْوُهَا، وَزِيَادَةُ الْمِيرَاثِ، وَالتَّعْصِيبُ وَتَحَمُّلُ الدِّيَةِ، وَوِلَايَةُ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ، وَالرَّجْعَةُ وَعَدَدُ الْأَزْوَاجِ وَإِلَيْهِمْ الِانْتِسَابُ

وَمِنْ الثَّانِي: عَطِيَّةُ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَفِي الْحَدِيثِ: «لَوْ كُنْت آمِرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>