للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ وَكَذَا فِي إيذَاءِ الْمُسْلِمِ الشَّدِيدِ وَمَرَّ فِي الِاحْتِكَارِ ذَلِكَ أَيْضًا، فَالْأَوْفَقُ لِلتَّعْرِيفِ بِأَنَّهَا مَا فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ مَا ذَكَرْته.

ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ أَشَارَ إلَى مَا صَرَّحْت بِهِ فَقَالَ: وَفِي بَعْضِ مَا أَطْلَقَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ صَغِيرَةٌ نَظَرٌ وَكَأَنَّ مَا ذَكَرْته وَأَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ هُوَ سَبَبُ حَذْفِ بَعْضِ مُخْتَصَرِي الرَّوْضَةِ لِتِلْكَ الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ عَنْهَا. وَالنَّجْشُ هُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ لَا لِرَغْبَةٍ بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ. وَالْبَيْعُ عَلَى الْبَيْعِ هُوَ أَنْ يَقُولَ لِلْمُشْتَرِي زَمَنَ الْخِيَارِ رُدَّ هَذَا وَأَنَا أَبِيعُك أَحْسَنَ مِنْهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ أَوْ مِثْلَهُ بِأَنْقَصَ. وَالشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ أَنْ يَقُولَ لِلْبَائِعِ زَمَنَ الْخِيَارِ افْسَخْ لِأَشْتَرِيَ مِنْك هَذَا الْمَبِيعَ بِأَزْيَدَ.

قَالَ أَئِمَّتُنَا: وَيَحْرُمُ السَّوْمُ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِأَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ أَنْ يُصَرِّحَا بِاسْتِقْرَارِهِ أَوْ يَعْرِضَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَرْخَصَ مِنْهُ، وَتَحْرِيمُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ لُزُومِهِ أَشَدُّ وَهُوَ الْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ غَيْرِهِ وَالشِّرَاءُ عَلَى شِرَاءِ غَيْرِهِ. نَعَمْ إنْ رَآهُ مَغْبُونًا جَازَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ كَجٍّ. وَالْأَوْجَهُ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِهِمْ وَالْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَبَيْعُ رَجُلٍ قَبْلَ اللُّزُومِ مِنْ الْمُشْتَرِي عَيْنًا كَاَلَّتِي اشْتَرَاهَا بِأَقَلَّ كَالْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ وَطَلَبُهَا قَبْلَ اللُّزُومِ أَيْضًا مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَكْثَرَ كَالشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَيْضًا يُؤَدِّي إلَى الْفَسْخِ مِنْ الصُّورَتَيْنِ فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ.

[الْكَبِيرَةُ الْمُوَفِّيَةُ الْمِائَتَيْنِ الْغِشُّ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَالتَّصْرِيَةِ]

(الْكَبِيرَةُ الْمُوَفِّيَةُ الْمِائَتَيْنِ: الْغِشُّ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَالتَّصْرِيَةِ وَهِيَ مَنْعُ حَلْبِ ذَاتِ اللَّبَنِ إيهَامًا لِكَثْرَتِهِ) أَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» . وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْهُ: أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أُصْبُعُهُ بَلَلًا فَقَالَ مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ - أَيْ الْمَطَرُ - يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ أَفَلَا جَعَلْته فَوْقَ الطَّعَامِ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ؟ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» . وَالتِّرْمِذِيُّ: «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا» . وَأَبُو دَاوُد: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا فَسَأَلَهُ كَيْفَ تَبِيعُ؟ فَأَخْبَرَهُ فَأَوْحَى إلَيْهِ أَنْ أَدْخِلْ يَدَك فِيهِ فَإِذَا هُوَ مَبْلُولٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>