[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ الدَّعْوَى فِي الْعِلْمِ زَهْوًا وَافْتِخَارًا]
الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: الدَّعْوَى فِي الْعِلْمِ أَوْ الْقُرْآنِ أَوْ شَيْءٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ زَهْوًا وَافْتِخَارًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا ضَرُورَةٍ) أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ عَنْ عُمَرَ وَأَبُو يَعْلَى، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَظْهَرُ الْإِسْلَامُ حَتَّى تَخْتَلِفَ التُّجَّارُ فِي الْبَحْرِ وَحَتَّى تَخُوضَ الْخَيْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ يَظْهَرُ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَقُولُونَ مَنْ أَقْرَأُ مِنَّا؟ مَنْ أَعْلَمُ مِنَّا؟ مَنْ أَفْقَهُ مِنَّا؟ ، ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ هَلْ فِي أُولَئِكَ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ» .
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ بِمَكَّةَ مِنْ اللَّيْلِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَامَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكَانَ أَوَّاهًا. فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ وَحَرَّضْتَ وَجَهَدْتَ وَنَصَحْتَ. فَقَالَ: لَيَظْهَرَنَّ الْإِيمَانُ حَتَّى يَرُدَّ الْكُفْرَ إلَى مَوَاطِنِهِ، وَلَتُخَاضُ الْبِحَارُ بِالْإِسْلَامِ، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَتَعَلَّمُونَ فِيهِ الْقُرْآنَ؛ يَتَعَلَّمُونَهُ وَيَقْرَءُونَهُ ثُمَّ يَقُولُونَ: قَدْ قَرَأْنَا وَعَلِمْنَا فَمَنْ ذَا الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنَّا؟ ، فَهَلْ فِي أُولَئِكَ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ أُولَئِكَ؟ قَالَ أُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ» .
وَالطَّبَرَانِيُّ: «مَنْ قَالَ أَنَا عَالِمٌ فَهُوَ جَاهِلٌ» . تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا كَبِيرَةً بِالْقُيُودِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فِيهِ هُوَ ظَاهِرُ مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ مِنْ قِيَاسِ كَلَامِهِمْ لِأَنَّهُمْ إذَا عَدُّوا إسْبَالَ نَحْوِ الْإِزَارِ خُيَلَاءَ كَبِيرَةً، فَأَوْلَى أَنْ يَعُدُّوا هَذَا لِأَنَّهُ أَقْبَحُ وَأَفْحَشُ، وَقِيَاسُ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ كَاَلَّذِي ذَكَرْتُهُ ظَاهِرٌ أَيْضًا، وَقَوْلِي: بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا ضَرُورَةٍ احْتَرَزْتُ بِهِ عَمَّا لَوْ دَخَلَ بَلَدًا لَا يَعْرِفُونَ عِلْمَهُ وَطَاعَتَهُ، فَلَهُ أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ لَهُمْ قَصْدًا لَأَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ وَيَنْتَفِعُوا بِهِ وَمِنْهُ نَحْوُ قَوْلِ يُوسُفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: ٥٥] وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ عِلْمَهُ مُعَانِدٌ أَوْ جَاهِلٌ، فَلَهُ أَنْ يَذْكُرَ عِلْمَهُ وَيَسْتَدِلَّ عَلَيْهِ إرْغَامًا لِأَنْفِ ذَلِكَ الْجَاهِلِ الْعَنِيدِ حَتَّى يُقْبِلَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَيَنْتَفِعُوا بِعُلُومِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute