للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَسْمَائِهِ - تَعَالَى - لِمَا سَبَقَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى التَّجَوُّزِ، لِأَنَّهُ جَعَلَ فِيهِ الْمُؤَثِّرَ هُوَ عَيْنُ الْأَثَرِ مُبَالَغَةً فِي تَعْظِيمِ ذَلِكَ الْأَثَرِ وَفِي الزَّجْرِ عَنْ سَبِّهِ وَنَقْصِهِ.

[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالْخَمْسُونَ الْكَلِمَةُ الَّتِي تَعْظُمُ مَفْسَدَتُهَا وَيَنْتَشِرُ ضَرَرُهَا]

(الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالْخَمْسُونَ: الْكَلِمَةُ الَّتِي تَعْظُمُ مَفْسَدَتُهَا وَيَنْتَشِرُ ضَرَرُهَا مِمَّا يُسْخِطُ اللَّهَ - تَعَالَى - وَلَا يُلْقِي لَهَا قَائِلُهَا بَالًا) وَعَدُّ هَذِهِ كَذَلِكَ هُوَ مَا وَقَعَ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ الْعَظِيمَةِ وَالضَّرَرِ الظَّاهِرِ كَمَا عُلِمَ مِنْ التَّرْجَمَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا فَيَنْزِلُ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» . وَجَاءَ أَيْضًا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ - تَعَالَى - مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ رِضْوَانَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهِ سَخَطَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَهَذَا كَالْكَلَامِ عِنْدَ الْمُلُوكِ أَوْ الْوُلَاةِ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ خَيْرٌ عَامٌّ أَوْ شَرٌّ عَامٌّ، وَمِنْهُ كَلِمَةٌ تَضَمَّنَتْ مَذَمَّةَ سُنَّةٍ أَوْ إقَامَةَ بِدْعَةٍ أَوْ إبْطَالَ حَقٍّ أَوْ تَحْقِيقَ بَاطِلٍ أَوْ سَفْكَ دَمٍ أَوْ اسْتِحْلَالَ فَرْجٍ أَوْ مَالٍ، أَوْ هَتْكَ عِرْضٍ أَوْ قَطْعَ رَحِمٍ أَوْ وُقُوعَ غَدْرَةٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِرَاقَ زَوْجَةٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.

[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالْخَمْسُونَ كُفْرَانُ نِعْمَةِ الْمُحْسِنِ]

(الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالْخَمْسُونَ: كُفْرَانُ نِعْمَةِ الْمُحْسِنِ) كَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَهُوَ بَعِيدٌ، يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى كُفْرَانِ نِعْمَةِ اللَّهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - إذْ هُوَ الْمُحْسِنُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ أَيْضًا عَلَى كُفْرَانِ نِعْمَةِ مُحْسِنٍ تَجِبُ مُرَاعَاتُهُ كَالزَّوْجِ. وَيُسْتَدَلُّ لَهُ بِخَبَرِ النَّسَائِيّ: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى امْرَأَةٍ لَا تَشْكُرُ زَوْجَهَا وَهِيَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ» وَبِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ مِنْ مُوجِبَاتِ كَوْنِ النِّسَاءِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ كُفْرَانَهُنَّ نِعَمَ الزَّوْجِ وَأَنَّهُ لَوْ أَحْسَنَ إلَى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثُمَّ رَأَتْ مِنْهُ شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْت مِنْك خَيْرًا قَطُّ. وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ جِدًّا فَلَا بُعْدَ أَنْ يَكُونَ كُفْرَانُ نِعْمَةِ الزَّوْجِ كَبِيرَةً، وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ بَعْضِهِمْ لِذَلِكَ عَلَى إطْلَاقِهِ بِالْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ» . بِرَفْعِهِمَا، أَوْ نَصْبِهِمَا، وَرَفْعِ الْأَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>