اُبْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَنَزَلَتْ بِكُمْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إلَّا فَشَتْ فِيهِمْ الْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي أَسْلَافِهِمْ، وَلَمْ يُنْقِصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إلَّا مُنِعُوا الْمَطَرَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَا نَقَضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إلَّا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوٌّ مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَأْخُذُ بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ يَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ إلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ» .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ قَرِيبٍ مِنْ الْحَسَنِ وَلَهُ خَمْسُ شَوَاهِدَ: «خَمْسٌ بِخَمْسٍ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا خَمْسٌ بِخَمْسٍ؟ قَالَ: مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إلَّا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوُّهُمْ، وَمَا حَكَمُوا بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إلَّا فَشَا فِيهِمْ الْمَوْتُ، وَلَا مَنَعُوا الزَّكَاةَ إلَّا حُبِسَ عَنْهُمْ الْقَطْرُ، وَلَا طَفَّفُوا الْمِكْيَالَ إلَّا حُبِسَ عَنْهُمْ النَّبَاتُ وَأُخِذُوا بِالسِّنِينَ» ، وَهِيَ جَمْعُ سَنَةٍ، وَهُوَ الْعَامُ الْمُقْحَطُ الَّذِي لَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ فِيهِ شَيْئًا وَقَعَ مَطَرٌ أَوْ لَا. وَصَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْله تَعَالَى فِي مَانِعِي الزَّكَاةِ {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ} [التوبة: ٣٥] قَالَ: لَا يُكْوَى رَجُلٌ يَكْنِزُ فَيَمَسُّ دِرْهَمٌ دِرْهَمًا وَلَا دِينَارٌ دِينَارًا، يُوَسَّعُ جِلْدُهُ حَتَّى يُوضَعَ كُلُّ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ عَلَى حِدَتِهِ، وَإِنَّمَا خَصَّ اللَّهُ - تَعَالَى - الْجِبَاهَ وَالْجُنُوبَ وَالظُّهُورَ بِالْكَيِّ؛ لِأَنَّ الْغَنِيَّ الْبَخِيلَ إذَا رَأَى الْفَقِيرَ عَبَسَ وَجْهُهُ وَزَوَى مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَأَعْرَضَ لِجَنْبِهِ، فَإِذَا قَرُبَ مِنْهُ وَلَّاهُ ظَهْرَهُ فَعُوقِبَ بِكَيِّ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ لِيَكُونَ الْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ. وَعَنْهُ قَالَ: " مَنْ كَسَبَ طَيِّبًا خُبْثُهُ مَنْعُ الزَّكَاةِ، وَمَنْ كَسَبَ خَبِيثًا لَمْ تُطَيِّبْهُ الزَّكَاةُ ".
وَالشَّيْخَانِ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: «جَلَسْت فِي مَلَإٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَجَاءَ رَجُلٌ خَشِنُ الشَّعَرِ وَالثِّيَابِ وَالْهَيْئَةِ حَتَّى قَامَ عَلَيْهِمْ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: بَشِّرْ الْكَانِزِينَ بِرَضْفٍ» أَيْ بِفَتْحٍ فَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ: حِجَارَةٌ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ «ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضٍ» أَيْ بِضَمِّ النُّونِ فَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ: غُضْرُوفُ كَتِفِهِ «وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيِهِ فَيَتَزَلْزَلُ ثُمَّ وَلَّى فَجَلَسَ إلَى سَارِيَةٍ وَتَبِعْتُهُ وَجَلَسْتُ إلَيْهِ وَأَنَا لَا أَدْرِي مَنْ هُوَ، فَقُلْت لَا أَرَى الْقَوْمَ إلَّا قَدْ كَرِهُوا الَّذِي قُلْت، قَالَ إنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا، قَالَ لِي خَلِيلِي، قُلْت مَنْ خَلِيلُك؟ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَتُبْصِرُ أَحَدًا. قَالَ فَنَظَرْتُ إلَى الشَّمْسِ مَا بَقِيَ مِنْ النَّهَارِ وَأَنَا أَرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute