لَك يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ؟ قَالَتْ لَا، قَالَ هِيَ حَسْبُكِ مِنْ النَّارِ» . وَصَحَّ أَيْضًا: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَقَلَّدَتْ قِلَادَةً مِنْ ذَهَبٍ قُلِّدَتْ فِي عُنُقِهَا مِثْلَهَا مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ جَعَلَتْ فِي أُذُنِهَا خُرْصًا مِنْ ذَهَبٍ جُعِلَ فِي أُذُنِهَا مِثْلُهُ مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَصَحَّ أَيْضًا: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُحَلِّقَ جَنْبَيْهِ حَلْقَةً مِنْ نَارٍ فَلْيُحَلِّقْهُ حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُطَوِّقَ جَنْبَيْهِ طَوْقًا مِنْ نَارٍ فَلْيُطَوِّقْهُ طَوْقًا مِنْ ذَهَبٍ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُسَوِّرَ جَنْبَيْهِ بِسِوَارٍ مِنْ نَارٍ فَلْيُسَوِّرْهُ بِسِوَارٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِالْفِضَّةِ فَالْعَبُوا بِهَا» .
وَهَذِهِ كَأَحَادِيثَ أُخَرَ بِمَعْنَاهَا مَحْمُولَةٌ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّ الْحُلِيَّ لِلنِّسَاءِ كَانَ مُحَرَّمًا أَوَّلَ الْإِسْلَامِ فَوَجَبَتْ زَكَاتُهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُنَّ كُنَّ أَسْرَفْنَ فِيهِ، وَالْحُلِيُّ إذَا أَسْرَفْنَ فِيهِ يَلْزَمُهُنَّ زَكَاتُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكْرُوهًا كَالضَّبَّةِ الصَّغِيرَةِ لِزِينَةٍ وَالْكَبِيرَةِ لِحَاجَةٍ.
وَفِي حَدِيثٍ: «أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ النَّارَ أَمِيرٌ مُسَلَّطٌ وَذُو ثَرْوَةٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ مِنْ مَالِهِ وَفَقِيرٌ فَخُورٌ» .
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يُبَلِّغُهُ حَجَّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَلَمْ يَحُجَّ أَوْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلَمْ يُزَكِّ سَأَلَ الرَّجْعَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ اتَّقِ اللَّهَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَإِنَّمَا يَسْأَلُ الرَّجْعَةَ الْكُفَّارُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَأَتْلُو عَلَيْك بِذَلِكَ قُرْآنًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ} [المنافقون: ١٠] أَيْ أُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ {وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} [المنافقون: ١٠] أَيْ أَحُجَّ.
وَحُكِيَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ التَّابِعِينَ خَرَجُوا لِزِيَارَةِ أَبِي سِنَانٍ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ وَجَلَسُوا عِنْدَهُ قَالَ قُومُوا بِنَا نَزُورُ جَارًا لَنَا مَاتَ أَخُوهُ وَنُعَزِّيهِ فِيهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ: فَقُمْنَا مَعَهُ وَدَخَلْنَا عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ فَوَجَدْنَاهُ كَثِيرَ الْبُكَاءِ وَالْجَزَعِ عَلَى أَخِيهِ فَجَعَلْنَا نُعَزِّيهِ وَنُسَلِّيهِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ تَسْلِيَةً وَلَا عَزَاءً، فَقُلْنَا لَهُ: أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ سَبِيلٌ لَا بُدَّ مِنْهُ؟ قَالَ: بَلَى وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَى مَا أَصْبَحَ وَأَمْسَى فِيهِ أَخِي مِنْ الْعَذَابِ؛ فَقُلْنَا لَهُ قَدْ أَطْلَعَك اللَّهُ عَلَى الْغَيْبِ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ لَمَّا دَفَنْته وَسَوَّيْت عَلَيْهِ التُّرَابَ وَانْصَرَفَ النَّاسُ جَلَسْتُ عِنْدَ قَبْرِهِ وَإِذَا صَوْتٌ مِنْ قَبْرِهِ يَقُولُ آهْ أَفْرَدُونِي وَحِيدًا أُقَاسِي الْعَذَابَ قَدْ كُنْت أَصُومُ قَدْ كُنْت أُصَلِّي، قَالَ فَأَبْكَانِي كَلَامُهُ فَنَبَشْت عَنْهُ التُّرَابَ لِأَنْظُرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute