للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيَّ النُّصْحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا، وَرَبِّ هَذَا الْمَسْجِدِ إنِّي لَكُمْ لَنَاصِحٌ» . وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْهُ: «بَايَعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَأَنْ أَنْصَحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَكَانَ إذَا بَاعَ الشَّيْءَ أَوْ اشْتَرَاهُ قَالَ: مَا الَّذِي أَخَذْنَا مِنْك أَحَبُّ إلَيْنَا مِمَّا أَعْطَيْنَاك فَاخْتَرْ» . وَأَحْمَدُ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَحَبُّ مَا تَعَبَّدَ لِي بِهِ عَبْدِي النُّصْحُ لِي» . وَالطَّبَرَانِيُّ: «مَنْ لَا يَهْتَمُّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُصْبِحْ وَيُمْسِي نَاصِحًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِإِمَامِهِ وَلِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ» . وَالشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» . وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ: «لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» .

تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا كَبِيرَةً هُوَ ظَاهِرُ بَعْضِ مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنْ نَفْيِ الْإِسْلَامِ عَنْهُ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَزَلْ فِي مَقْتِ اللَّهِ أَوْ كَوْنِ الْمَلَائِكَةِ تَلْعَنُهُ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ صَغِيرَةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِيهِ. وَضَابِطُ الْغِشِّ الْمُحَرَّمِ أَنْ يَعْلَمَ ذُو السِّلْعَةِ مِنْ نَحْوِ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ فِيهَا شَيْئًا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ مُرِيدُ أَخْذِهَا مَا أَخَذَهَا بِذَلِكَ الْمُقَابِلِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُ بِهِ لِيَدْخُلَ فِي أَخْذِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ وَغَيْرِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يَجِبُ أَيْضًا عَلَى أَجْنَبِيٍّ عَلِمَ بِالسِّلْعَةِ عَيْبًا أَنْ يُخْبِرَ بِهِ مُرِيدَ أَخْذِهَا وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهَا، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا رَأَى إنْسَانًا يَخْطُبُ امْرَأَةً وَيَعْلَمُ بِهَا أَوْ بِهِ عَيْبًا، أَوْ رَأَى إنْسَانًا يُرِيدُ أَنْ يُخَالِطَ آخَرَ لِمُعَامَلَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ قِرَاءَةِ نَحْوِ عِلْمٍ وَعَلِمَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا أَنْ يُخْبِرَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَشَرْ بِهِ، كُلُّ ذَلِكَ أَدَاءٌ لِلنَّصِيحَةِ الْمُتَأَكِّدِ وُجُوبُهَا لِخَاصَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ.

هَذَا وَقَدْ سَأَلْنَا عَنْ سُؤَالٍ طَوِيلٍ فِيهِ ذِكْرُ أَحْكَامٍ كَثِيرَةٍ أَحْبَبْت ذِكْرَهُ هُنَا لِعُمُومِ ضَرَرِ مَا فِيهِ مِمَّا أَلِفَه وَيَفْعَلُهُ مَنْ لَا دِينَ لَهُ لِغَفْلَتِهِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى وَأَوَامِرِهِ، وَهُوَ: قَدْ اُعْتِيدَ الْآنَ أَنَّ بَعْضَ التُّجَّارِ يَشْتَرِي الْفِلْفِلَ فِي ظَرْفٍ خَفِيفٍ جِدًّا كَالْخَصْفِ، ثُمَّ يَجْعَلُهُ فِي ظَرْفٍ ثَقِيلٍ نَحْوِ خَمْسَةِ أَضْعَافِ الْخَصْفِ لِأَنَّهُ غَالِبًا ثَلَاثَةُ أَمْنَانٍ، وَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>