للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فَأَشْهِدِي اللَّهَ وَأَشْهِدِينِي أَنَّك قَدْ رَضِيَتْ عَنْهُ، قَالَتْ اللَّهُمَّ إنِّي أُشْهِدُك وَأُشْهِدُ رَسُولَك أَنِّي قَدْ رَضِيتُ عَنْ ابْنِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا غُلَامُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَقَالَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ» . وَرُوِيَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا، وَهِيَ: «أَنَّ ذَلِكَ الشَّابَّ اسْمُهُ عَلْقَمَةُ وَأَنَّهُ كَانَ كَثِيرَ الِاجْتِهَادِ فِي الطَّاعَةِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ، فَمَرِضَ وَاشْتَدَّ مَرَضُهُ فَأَرْسَلَتْ امْرَأَتُهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ زَوْجِي عَلْقَمَةَ فِي النَّزْعِ فَأَرَدْت أَنْ أُعْلِمَك يَا رَسُولَ اللَّهِ بِحَالِهِ، فَأَرْسَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّارًا وَبِلَالًا وَصُهَيْبًا وَقَالَ: امْضُوا إلَيْهِ وَلَقِّنُوهُ الشَّهَادَةَ، فَجَاءُوا إلَيْهِ فَوَجَدُوهُ فِي النَّزْعِ فَجَعَلُوا يُلَقِّنُونَهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلِسَانُهُ لَا يَنْطِقُ بِهَا، فَأَرْسَلُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ. فَقَالَ: هَلْ مِنْ أَبَوَيْهِ أَحَدٌ حَيٌّ؟ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُ أُمٌّ كَبِيرَةُ السِّنِّ، فَأَرْسَلَ إلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَهَا: إنْ قَدَرْت عَلَى الْمَسِيرِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَّا فَانْتَظِرِيهِ فِي الْمَنْزِلِ حَتَّى يَأْتِيك، فَجَاءَ إلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخْبَرَهَا بِذَلِكَ فَقَالَتْ نَفْسِي لِنَفْسِهِ الْفِدَاءُ أَنَا أَحَقُّ بِإِتْيَانِهِ فَتَوَكَّأَتْ وَقَامَتْ عَلَى عَصًا وَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَلَّمَتْ وَرَدَّ عَلَيْهَا السَّلَامَ وَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّ عَلْقَمَةَ اُصْدُقِينِي وَإِنْ كَذَبْتنِي جَاءَ الْوَحْيُ مِنْ اللَّهِ - تَعَالَى -، كَيْفَ كَانَ حَالُ وَلَدِك عَلْقَمَةَ؟ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ كَثِيرَ الصِّيَامِ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَمَا حَالُك؟ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا عَلَيْهِ سَاخِطَةٌ. قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يُؤْثِرُ زَوْجَتَهُ وَيَعْصِينِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ سَخَطَ أُمِّ عَلْقَمَةَ حَجَبَ لِسَانَ عَلْقَمَةَ عَنْ الشَّهَادَةِ ثُمَّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا بِلَالُ انْطَلِقْ وَاجْمَعْ لِي حَطَبًا كَثِيرًا، قَالَتْ وَمَا تَصْنَعُ بِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ أُحْرِقُهُ بِالنَّارِ، قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَدِي لَا يَحْتَمِلُ قَلْبِي أَنْ تُحْرِقَهُ بِالنَّارِ بَيْنَ يَدِي، قَالَ: يَا أُمَّ عَلْقَمَةَ فَعَذَابُ اللَّهِ أَشَدُّ وَأَبْقَى، فَإِنْ سَرَّك أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ فَارْضِي عَنْهُ فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَنْتَفِعُ عَلْقَمَةُ بِصَلَاتِهِ وَلَا بِصِيَامِهِ وَلَا بِصَدَقَتِهِ مَا دُمْت عَلَيْهِ سَاخِطَةً، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ - تَعَالَى - وَمَلَائِكَتَهُ وَمَنْ حَضَرَنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنِّي قَدْ رَضِيت عَنْ وَلَدِي عَلْقَمَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: انْطَلِقْ إلَيْهِ يَا بِلَالُ فَانْظُرْ هَلْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَمْ لَا؟ فَلَعَلَّ أُمَّ عَلْقَمَةَ تَكَلَّمَتْ بِمَا لَيْسَ فِي قَلْبِهَا حَيَاءً مِنِّي، فَانْطَلَقَ بِلَالٌ فَسَمِعَ عَلْقَمَةَ يَقُولُ مِنْ دَاخِلِ الدَّارِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَدَخَلَ بِلَالٌ فَقَالَ يَا هَؤُلَاءِ إنَّ سَخَطَ أُمِّ عَلْقَمَةَ حَجَبَ لِسَانَهُ عَنْ الشَّهَادَةِ وَإِنَّ رِضَاهَا أَطْلَقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>