يُنَافِي مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ الْإِنْسَانُ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ الصَّلَاةُ لِأَنَّهَا آكَدُ حُقُوقِهِ، وَأَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ الْقَتْلُ لِأَنَّهُ أَشَدُّ حُقُوقِهِمْ. وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ: «كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إلَّا الرَّجُلَ يَمُوتُ كَافِرًا أَوْ الرَّجُلَ يَقْتُلُ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا» . وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ رُوَاتُهُ رُوَاةُ الصَّحِيحِ: «أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - سَأَلَهُ سَائِلٌ فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ هَلْ لِلْقَاتِلِ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَالْمُتَعَجِّبِ مِنْ شَأْنِهِ: مَاذَا تَقُولُ؟ فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَسْأَلَتَهُ فَقَالَ: مَاذَا تَقُولُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَمِعْت نَبِيَّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: يَأْتِي الْمَقْتُولُ مُعَلَّقًا رَأْسُهُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ مُتَلَبِّبًا قَاتِلَهُ بِالْيَدِ الْأُخْرَى تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ الْعَرْشَ فَيَقُولُ الْمَقْتُولُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ: هَذَا قَتَلَنِي فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَاتِلِ: تَعِسْت وَيُذْهَبُ بِهِ إلَى النَّارِ» . وَالطَّبَرَانِيُّ: «يَجِيءُ الْمَقْتُولُ آخِذًا قَاتِلَهُ وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا عِنْدَ ذِي الْعِزَّةِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فِيمَ قَتَلْته؟ قَالَ قَتَلْته لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ، قِيلَ هِيَ لِلَّهِ» .
وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: «إذَا أَصْبَحَ إبْلِيسُ بَثَّ جُنُودَهُ فَيَقُولُ: مَنْ خَذَلَ الْيَوْمَ مُسْلِمًا أُلْبِسُهُ التَّاجَ قَالَ فَيَجِيءُ هَذَا فَيَقُولُ لَمْ أَزَلِ بِهِ حَتَّى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَيَقُولُ يُوشِكُ أَنْ يَتَزَوَّجَ؛ وَيَجِيءُ هَذَا فَيَقُولُ لَمْ أَزَلِ بِهِ حَتَّى عَقَّ وَالِدَيْهِ، فَيَقُولُ يُوشِكُ أَنْ يَبَرَّهُمَا؛ وَيَجِيءُ هَذَا فَيَقُولُ لَمْ أَزَلِ بِهِ حَتَّى أَشْرَكَ فَيَقُولُ أَنْتَ أَنْتَ؛ وَيَجِيءُ هَذَا فَيَقُولُ لَمْ أَزَلِ بِهِ حَتَّى قَتَلَ نَفْسًا فَيَقُولُ أَنْتَ أَنْتَ وَيُلْبِسُهُ التَّاجَ» . وَأَبُو دَاوُد: «مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاغْتَبَطَ بِقَتْلِهِ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» ، أَيْ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْغَسَّانِيِّ أَنَّ مَعْنَى اغْتَبَطَ بِقَتْلِهِ أَنْ يَقْتُلَهُ فِي الْفِتْنَةِ ظَانًّا أَنَّهُ عَلَى هُدًى فَلَا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.
وَأَحْمَدُ: «يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنْ النَّارِ يَتَكَلَّمُ يَقُولُ وُكِّلْت الْيَوْمَ بِثَلَاثَةٍ: بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَمَنْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَنْطَوِي عَلَيْهِمْ فَيَقْذِفُهُمْ فِي جَمْرِ جَهَنَّمَ» . وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ أَحَدُهُمَا صَحِيحٌ: «يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنْ النَّارِ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ طَلْقٍ ذَلْقٍ لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا وَلِسَانٌ يَتَكَلَّمُ بِهِ فَيَقُولُ إنِّي أُمِرْت بِمَنْ جَعَلَ مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute