{وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} [هود: ١١٣] وَالرُّكُونُ إلَى الشَّيْءِ السُّكُونُ وَالْمَيْلُ إلَيْهِ بِالْمَحَبَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي الْآيَةِ: " لَا تَمِيلُوا إلَيْهِمْ كُلَّ الْمَيْلِ فِي الْمَحَبَّةِ وَلِينِ الْكَلَامِ وَالْمَوَدَّةِ ". وَقَالَ السُّدِّيُّ وَابْنُ زَيْدٍ: لَا تُدَاهِنُوهُمْ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: لَا تُطِيعُوهُمْ وَتَوَدُّوهُمْ، وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: لَا تَرْضَوْا بِأَعْمَالِهِمْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مُرَادٌ مِنْ الْآيَةِ. وَقَالَ تَعَالَى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} [الصافات: ٢٢] أَيْ أَشْبَاهَهُمْ وَأَتْبَاعَهُمْ.
وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ: «اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاتَّقُوا الشُّحَّ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ» . وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَّالَمُوا» الْحَدِيثَ. وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ: «إيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ هُوَ الظُّلُمَاتُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُحِبُّ الْفَاحِشَ وَالْمُتَفَحِّشَ، وَإِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ فَإِنَّ الشُّحَّ دَعَا مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَسَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ» . وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَلَهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ: «إيَّاكُمْ وَالْخِيَانَةَ فَإِنَّهَا بِئْسَ الْبِطَانَةُ، وَإِيَّاكُمْ وَالظُّلْمُ فَإِنَّهُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ مِنْ قَبْلِكُمْ الشُّحُّ حَتَّى سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَقَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ» .
وَالطَّبَرَانِيُّ: «لَا تَظَّالَمُوا فَتَدْعُوَا فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ وَتَسْتَسْقُوا فَلَا تُسْقَوْا وَتَسْتَنْصِرُوا فَلَا تُنْصَرُوا» . وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ: «صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَنْ تَنَالَهُمَا شَفَاعَتِي: إمَامٌ ظَلُومٌ غَشُومٌ، وَكُلُّ غَالٍ مَارِقٍ» . وَأَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَيَقُولُ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا تَوَادَّ اثْنَانِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute