قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ لَيْسَ بِهَذَا اللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ، إنَّمَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لُعِنَتْ الْخَمْرُ عَلَى عَشَرَةِ وُجُوهٍ، لُعِنَتْ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا وَشَارِبِهَا وَسَاقِيهَا وَبَائِعِهَا وَمُشْتَرِيهَا وَعَاصِرِهَا وَمُعْتَصِرِهَا وَحَامِلِهَا وَالْمَحْمُولَةِ إلَيْهِ وَآكِلِ ثَمَنِهَا» ؛ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ مِنْ الْمَلْعُونِينَ غَيْرِ الشَّارِبِ، هَذَا لَفْظُ أَحْمَدَ.
وَلِأَبِي دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ: «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ» ، هَذَا لَفْظُ أَبِي دَاوُد. وَلِابْنِ مَاجَهْ نَحْوُهُ وَزَادَ: " وَآكِلَ ثَمَنِهَا "، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ اشْتَمَلَتْ عَلَى ثَمَانِيَةٍ غَيْرِ الشَّارِبِ أَيْضًا. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَبَائِعَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا وَالْمُشْتَرِيَ لَهَا وَالْمُشْتَرَى لَهُ» . وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ بِنَحْوِهِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى تِسْعَةٍ غَيْرِ الشَّارِبِ. انْتَهَى.
وَقُدِّمَتْ فِي أَوَائِلِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا وَالْمُشْتَرِيَ لَهَا وَالْمُشْتَرَى لَهُ» . وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ أَيْضًا: «أَتَانِي جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْخَمْرَ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَسَاقِيَهَا وَمُسْتَقَاهَا» . وَفِي رِوَايَةٍ: «يَا مُحَمَّدُ إنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْخَمْرَ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَشَارِبَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَسَاقِيَهَا وَمُسْتَقَاهَا» . وَبِمَجْمُوعِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ يُعْلَمُ مِنْهَا مَا ذَكَرْته فِي التَّرْجَمَةِ، عَلَى أَنَّ الْأَصْحَابَ صَرَّحُوا بِأَكْثَرِهِ فَقَدْ قَالَ الصَّلَاحُ الْعَلَائِيُّ: نَصَّ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْخَمْرِ كَبِيرَةٌ يُفَسَّقُ مُتَعَاطِيهِ وَكَذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُ الشِّرَاءِ وَأَكْلُ الثَّمَنِ وَالْحَمْلُ وَالسَّقْيُ؛ وَأَمَّا عَاصِرُهَا وَمُعْتَصِرُهَا فَقَالُوا لَا يَفْسُقُ بِذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دَائِرًا مَعَ الْقَصْدِ، فَإِنْ نَوَى بِهِ الْخَمْرَ دَخَلَ فِي حُكْمِ الْحَدِيثِ، وَإِنْ نَوَى بِهِ شَيْئًا غَيْرَهُ لَمْ يَدْخُلْ.
وَحَكَى ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّ مُجَرَّدَ إمْسَاكِ الْخَمْرِ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ وَيَجُوزُ إمْسَاكُهَا لِتَنْقَلِبَ خَلًّا. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّ إمْسَاكَهَا لِذَلِكَ لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ قَصَدَ ادِّخَارَهَا عَلَى حَالِهَا فَيُفَسَّقُ بِهِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ مَعْنَى الْقَصْدِ. انْتَهَى. قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute