وَجَاءَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ سُمِّ الْأَسَاوِدِ شَرْبَةً يَتَسَاقَطُ مِنْهَا لَحْمُ وَجْهِهِ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَهَا فَإِذَا شَرِبَهَا يَتَسَاقَطُ لَحْمُهُ وَجِلْدُهُ يَتَأَذَّى بِهِ أَهْلُ النَّارِ، أَلَا وَإِنَّ شَارِبَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا شُرَكَاءُ فِي إثْمِهَا لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُمْ صَلَاةً وَلَا صَوْمًا وَلَا حَجًّا حَتَّى يَتُوبُوا فَإِنْ مَاتُوا قَبْلَ التَّوْبَةِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُمْ بِكُلِّ جَرْعَةٍ شَرِبُوهَا فِي الدُّنْيَا مِنْ صَدِيدِ جَهَنَّمَ، أَلَا وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» . وَرُوِيَ «أَنَّ شَرَبَةَ الْخَمْرِ إذَا أَتَوْا عَلَى الصِّرَاطِ تَخَطَّفَهُمْ الزَّبَانِيَةُ إلَى نَهْرِ الْخَبَالِ فَيُسْقَوْنَ بِكُلِّ كَأْسٍ شَرِبُوا مِنْ الْخَمْرِ شَرْبَةً مِنْ نَهْرِ الْخَبَالِ، فَلَوْ أَنَّ تِلْكَ الشَّرْبَةَ تُصَبُّ مِنْ السَّمَاءِ لَاحْتَرَقَتْ السَّمَوَاتُ مِنْ حَرِّهَا نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهَا» .
وَجَاءَ فِيهَا آثَارٌ عَنْ السَّلَفِ، فَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: إذَا مَاتَ شَارِبُ الْخَمْرِ فَادْفِنُوهُ ثُمَّ اُصْلُبُونِي عَلَى خَشَبَةٍ ثُمَّ اُنْبُشُوا عَنْهُ قَبْرَهُ فَإِنْ لَوْ تَرَوْا وَجْهَهُ مَصْرُوفًا عَنْ الْقِبْلَةِ وَإِلَّا فَاتْرُكُونِي مَصْلُوبًا. وَعَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ حَضَرَ عِنْدَ تِلْمِيذٍ لَهُ حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَجَعَلَ يُلَقِّنُهُ الشَّهَادَةَ وَلِسَانُهُ لَا يَنْطِقُ بِهَا فَكَرَّرَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ لَا أَقُولُهَا وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهَا ثُمَّ مَاتَ فَخَرَجَ الْفُضَيْلُ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ يَبْكِي ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ مُدَّةٍ فِي مَنَامِهِ وَهُوَ يُسْحَبُ بِهِ فِي النَّارِ فَقَالَ لَهُ يَا مِسْكِينُ بِمَ نُزِعَتْ مِنْك الْمَعْرِفَةُ؟ فَقَالَ: يَا أُسْتَاذُ كَانَ بِي عِلَّةٌ فَأَتَيْت بَعْضَ الْأَطِبَّاءِ فَقَالَ لِي تَشْرَبُ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدَحًا مِنْ الْخَمْرِ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ تَبْقَ بِك عِلَّتُكَ فَكُنْتُ أَشْرَبُهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ؛ لِأَجْلِ التَّدَاوِي فَهَذَا حَالُ مَنْ شَرِبَهَا لِلتَّدَاوِي فَكَيْفَ حَالُ مَنْ يَشْرَبُهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ مِنْ كُلِّ بَلَاءٍ وَمِحْنَةٍ.
وَسُئِلَ بَعْضُ التَّائِبِينَ عَنْ سَبَبِ تَوْبَتِهِ فَقَالَ كُنْتُ أَنْبُشُ الْقُبُورَ فَرَأَيْت فِيهَا أَمْوَاتًا مَصْرُوفِينَ عَنْ الْقِبْلَةِ فَسَأَلْتُ أَهَالِيَهُمْ عَنْهُمْ فَقَالُوا كَانُوا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا وَمَاتُوا مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ. وَقَالَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ: مَاتَ لِي وَلَدٌ فَلَمَّا دَفَنْتَهُ رَأَيْتُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ فِي الْمَنَامِ وَقَدْ شَابَ رَأْسُهُ فَقُلْتُ يَا وَلَدِي دَفَنْتُكَ صَغِيرًا فَمَا الَّذِي شَيَّبَكَ؟ فَقَالَ: يَا أَبَتِ لَمَّا دَفَنْتنِي دُفِنَ إلَى جَانِبِي رَجُلٌ كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَزَفَرَتْ النَّارُ لِقُدُومِهِ إلَى قَبْرِهِ زَفْرَةً لَمْ يَبْقَ مِنْهَا طِفْلٌ إلَّا شَابَ رَأْسُهُ مِنْ شِدَّةِ زَفْرَتِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute